الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار ***
1515- قال مالك الامر المجتمع عليه عندنا ان كل عتاقة اعتقها رجل في وصية اوصى بها في صحة او مرض انه يردها متى شاء ويغيرها متى شاء ما لم يكن تدبيرا فاذا دبر فلا سبيل له إلى رد ما دبر قال مالك وكل ولد ولدته امة اوصى بعتقها ولم تدبر فان ولدها لا يعتقون معها اذا عتقت وذلك ان سيدها يغير وصيته ان شاء ويردها متى شاء ولم يثبت لها عتاقة وانها هي بمنزلة رجل قال لجاريته ان بقيت عندي فلانة حتى اموت فهي حرة قال مالك فان ادركت ذلك كان لها ذلك وان شاء قبل ذلك باعها وولدها لانه لم يدخل ولدها في شيء مما جعل لها قال والوصية في العتاقة مخالفة للتدبير فرق بين ذلك ما مضى من السنة قال ولو كانت الوصية بمنزلة التدبير كان كل موص لا يقدر على تغيير وصيته وما ذكر فيها من العتاقة وكان قد حبس عليه من ماله ما لا يستطيع ان ينتفع به قال ابو عمر لا خلاف بين العلماء - فيما علمت - ان الوصية ليست كالتدبير الا من جعل المدبر وصية اجرى للمدبر الرجوع فيما دبر كالرجوع في الوصية فمن قال بهذا راى التدبير كالوصية فمن اهل العلم يقول المدبر وصية وليس منهم احد يقول ان الوصية تدبير وكل من قال ليس المدبر وصية لم يجز بيع المدبر ولا الرجوع فيه وسنذكر في باب بيع المدبر من راى بيعه وراه وصية ومن لم ير ذلك ان شاء الله تعالى وقد اختلفوا في لفظ التدبير فقال مالك اذا قال وهو صحيح انت حر بعد موتي فان كان اراد وجه الوصية فالقول قوله ويجوز بيعه وان اراد التدبير منع من بيعه وقال ابو حنيفة واصحابه اذا قال لعبده ان مت فانت حر فهو مدبر لا يجوز بيعه وهو قول الثوري قالوا وان قال ان مت من مرضي هذا فأنت حر جاز بيعه وان مات من مرضه فهو حر قال ابو عمر لم يختلفوا انه اذا قال ان قدمت من سفري او مت من مرضي فأنت حر فليس بمدبر واختلف بن القاسم واشهب في من قال لعبده انت حر بعد موتي ولم يتبين هل اراد بقوله ذلك وصية او تدبيرا حتى مات فقال بن القاسم هو على الوصية حتى يتبين التدبير وقال اشهب ان كان ذلك في غير حين احداث وصية ولا سفر ولا لما جاء في ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم انه قال (لا ينبغي لاحد ان يبيت ليلتين الا ووصيته عنده مكتوبة) فهو تدبير. وقال الشافعي اذا قال لعبده انت مدبر او انت عتيق او حر بعد موتي او حين مت او متى دخلت الدار فأنت حر بعد موتي فهذا كله تدبير يخرج من الثلث ويرجع صاحبه في ما شاء منه ويبيعه متى شاء فهو وصية والمدبر عنده وصية يرجع فيه كما يرجع في سائر الوصايا قال مالك في رجل دبر رقيقا له جميعا في صحته وليس له مال غيرهم ان كان دبر بعضهم قبل بعض بدىء بالاول فالاول حتى يبلغ الثلث وان كان دبرهم جميعا في مرضه فقال فلان حر وفلان حر وفلان حر في كلام واحد ان حدث بي في مرضي هذا حدث موت او دبرهم جميعا في كلمة واحدة تحاصوا في الثلث ولم يبدا احد منهم قبل صاحبه وانما هي وصية وانما لهم الثلث يقسم بينهم بالحصص ثم يعتق منهم الثلث بالغا ما بلغ قال ولا يبدا احد منهم اذا كان ذلك كله في مرضه قال ابو عمر الاختلاف في هذا الباب كثير وكذلك اختلف فيه اصحاب مالك فذكر بن حبيب في تفسيره للموطأ قال بن القاسم وبن كنانه وبن الماجشون ومطرف اذا اعتق الرجل عبيدا له في مرضه عتقا بتلا او اوصى لهم كلهم بالعتاقة او بعضهم سماهم او لم يسمهم الا ان الثلث لا يحملهم ان السهم يجري فيهم كان له مال غيرهم او لم يكن قال وقال بن نافع ان كان له مال سواهم لم يستهم بينهم واعتق من كل واحد ما ينوبه وان لم يكن له مال سواهم او كان له مال لا يقوم فانه يقرع بينهم وقال اصبغ واشهب انما القرعة في الوصية واما العتق البتل فهم فيه كالمدبرين وروى سحنون انه اذا سماهم فهم كالمدبرين وان لم يسمهم عتق الثلث بالقرعة وكلهم يقول في الرجل يوصي بعتق عبيده في مرضه ولا مال له سواهم انه يقرع بينهم بالسهم كما جاء في الحديث في الذي اعتق ستة اعبد له عند موته ولا مال له غيرهم حاشى المغيرة المخزومي فانه قال لا يعدى بالقرعة موضعها التي جاءت فيه وسنذكر مسألة الستة الأعبد الذين اعتقهم سيدهم عند الموت ولا مال له غيرهم في موضعه من هذا الكتاب ان شاء الله تعالى قال مالك في رجل دبر غلاما له فهلك السيد ولا مال له الا العبد المدبر وللعبد مال قال يعتق ثلث المدبر ويوقف ماله بيديه قال ابو عمر انما قال ذلك لان اصله في العبد انما يملك ماله ما لم ينتزعه منه سيده وان ماله تبع له عند العتق والتدبير ومعلوم ان في التدبير شعبة من العتق فكذلك راى ان يكون المدبر وماله معا في الثلث واما الشافعي والكوفيون فلا يرون ان يقوم الثلث الا رقبة المدبر دون ماله لانه لا مال له عندهم وما بيده من المال فهو لسيده في حال التدبير وفي حين العتق وقبله قال مالك في مدبر كاتبه سيده فمات السيد ولم يترك مالا غيره قال مالك يعتق منه ثلثه ويوضع عنه ثلث كتابته ويكون عليه ثلثاها قال ابو عمر هذا صحيح في قوله ولا خلاف في ذلك بين العلماء القائلين بأن المكاتب عبد ما بقي عليه شيء من كتابته قال مالك في رجل اعتق نصف عبد له وهو مريض فبت عتق نصفه او بت عتقه كله وقد كان دبر عبدا له اخر قبل ذلك قال يبدا بالمدبر قبل الذي اعتقه وهو مريض وذلك انه ليس للرجل ان يرد ما دبر ولا ان يتعقبه بأمر يرده به فاذا عتق المدبر فليكن ما بقي من الثلث في الذي اعتق شطره حتى يستتم عتقه كله في ثلث مال الميت فان لم يبلغ ذلك فضل الثلث عتق منه ما بلغ فضل الثلث بعد عتق المدبر الاول قال ابو عمر وجه قول مالك في ذلك ان المدبر عنده لا يجوز الرجوع فيه لمدبره بوجه من الوجوه فاذا قصد إلى عتق بتل قد علم ان ثلثه يضيق عنه او لم يعلم فضاف الثلث عند موته عنه فان حكمه حكم من قصد إلى ابطال التدبير فلذلك قدم التدبير عليه فاذا كان كذلك لم يبطل التدبير واما الشافعي وغيره فانهم يقولون ان العتق البتل اولى من المدبر وهو المبدى عليه لانه عتق متيقن لا يحل رده والمدبر عنده يجوز الرجوع فيه لانه وصية بالثلث فكذلك بدىء الذي بتل عتقه في المرض وسنذكر قول الكوفيين في باب ما يبدا من الوصايا ان شاء الله تعالى. 1516- مالك عن نافع ان عبد الله بن عمر دبر جاريتين له فكان يطؤهما وهما مدبرتان. 1517- مالك عن يحيى بن سعيد ان سعيد بن المسيب كان يقول اذا دبر الرجل جاريته فان له ان يطأها وليس له ان يبيعها ولا يهبها وولدها بمنزلتها قال ابو عمر قد روي عن بن عباس مثل قول بن عمر وعلى هذا جمهور العلماء من الحجاز والعراق وفقهاء جماعة الامصار مالك والثوري والحسن بن صالح والليث وابو حنيفة والشافعي واحمد واسحاق وابو ثور وداود والطبري وكان الزهري يكره وطء المدبرة ولا يجيزه وقال احمد بن حنبل لا اعلم احدا كره ذلك غير الزهري قال ابو عمر اظن الزهري تأول في ذلك - والله اعلم - قول بن عمر (لا يطأ الرجل وليدة الا وليدته ان شاء باعها وان شاء وهبها وان شاء صنع بها ما شاء) لم يبلغه ان بن عمر كان يطأ مدبرته قال الاوزاعي ان كان يطأها قبل تدبيره لها فلا بأس ان يطأها بعد ذلك وان كان لا يطأها قبل تدبيره لها فأكره له وطأها قال ابو عمر من كره وطء المدبرة شبهها بالمعتقة إلى اجل ات لا محالة والمعتقة إلى اجل قاسها الذي كره وطأها على نكاح المتعة لانه نكاح إلى اجل ومن اجاز وطىء المدبرة شبهها بأم الولد لانهما لا يقع عتقهما الا بعد الموت. 1518- قال مالك الامر المجتمع عليه عندنا في المدبر ان صاحبه لا يبيعه ولا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه وانه ان رهق سيده دين فان غرماءه لا يقدرون على بيعه ما عاش سيده فان مات سيده ولا دين عليه فهو في ثلثه لانه استثنى عليه عمله ما عاش فليس له ان يخدمه حياته ثم يعتقه على ورثته اذا مات من راس ماله قال ابو عمر روي عن بن عمر وزيد بن ثابت ان المدبر لا يباع وبه قال شريح والشعبي وسعيد بن المسيب والزهري وبن سيرين وروى حماد بن زيد عن ايوب عن نافع عن بن عمر انه كره بيع المدبر وقال ابو بكر بن ابي شيبة حدثني ابو خالد الاحمر وحفص بن غياث عن الحجاج عن الحسن بن حكيم عن زيد بن ثابت وعن الحجاج عن شريح قالا المدبرة لا تباع وقال ابو حنيفة واصحابه والثوري والحسن بن صالح وبن ابي ليلى وبن شبرمة وجماعة اهل الكوفة لا يباع المدبر في دين ولا في غير دين في الحياة ولا بعد الممات وان باعه سيده في حياته فالبيع مفسوخ اعتقه المشتري او لم يعتقه فان مات سيده خرج حرا من ثلثه وان لم يحمله الثلث اعتق منه ما حمل الثلث ويسعى في باقي قيمتها للورثة ان لم يجيزوا في قول ابي حنيفة واصحابه. وقال مالك يجوز بيع المدبر فان باعه سيده واعتقه المشتري فالعتق جائز وينتقض التدبير. وقال مالك لا يجوز بيع المدبر فان باعه سيده واعتقه فالولاء للمعتق ولا شيء له على البائع ولو كانت امة فوطئها وحملت منه صارت ام ولد وبطل التدبير وقال الاوزاعي لا يباع المدبر الا نفسه او من رجل يعجل عتقه وولاؤه لمن اشتراه ما دام الاول حيا فاذا مات المولى رجع الولاء إلى ورثته وقال الليث بن سعد اكره بيع المدبر فان باعه فأعتقه المشتري جاز عتقه وولاؤه لمن اعتقه وقال عثمان البتي والشافعي بيع المدبر جائز قال الشافعي في كتاب البويطي ويجوز بيع المدبر كان لصاحبه مال غيره او لم يكن وكان عليه دين او لم يكن واحتاج او لم يحتج لان النبي - صلى الله عليه وسلم باع مدبرا وفي الحديث انه لا مال لصاحبه غيره وقد يكون لا مال له غيره ولا يحتاج لقوته وكسبه ولوجوه غير ذلك ومن حل له بيع شيء في الحاجة حل له في غناه والمدبر وصية وقال المزني قال الشافعي اخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار وعن أبي الزبير سمعا جابر بن عبد الله يقول دبر رجل منا غلاما له ليس له مال غيره فقال النبي - صلى الله عليه وسلم (من يشتريه) فاشتراه نعيم بن النحام قال عمرو سمعت جابرا يقول عبد قبطي مات عام اول وفي امارة بن الزبير يقال له يعفور قال وباعت عائشة مدبرة لها سحرتها قال وقال مجاهد وطاوس المدبر وصية يرجع فيه صاحبه ان شاء وروى الشافعي وغيره عن بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال باعت عائشة جارية لها كانت دبرتها سحرتها وامرت ان يجعل ثمنها في مثلها وعن بن عيينة عن بن ابي نجيح عن مجاهد قال المدبر وصية يرجع فيها صاحبها متى شاء قال ابو عمر يقول الشافعي في بيع المدبر بقول احمد واسحاق وابو ثور وداود وهو قول عمرو بن دينار وعطاء وقد روي عن عطاء انه لا يبيعه الا ان يحتاج قال مالك وان مات سيد المدبر ولا مال له غيره عتق ثلثه وكان ثلثاه لورثته قال ابو عمر هو قول الشافعي وقد تقدم من قول الكوفيين ان ثلثه حر ويسعى في قيمة ثلثيه للورثة الا ان يكونوا بالغين لا يجيزوا والصواب ما قال مالك ومن تابعه لان المدبر في الثلث في قولهم وقول الجمهور الا من شذ واذا لم يكن لسيده مال سواه لم يكن له اكثر من ثلثه وقد ملك الله الورثة ثلثيه بالميراث فكيف يحال بينهم وبين ما ملكهم الله اياه بغير طيب من انفسهم بذلك ويحالون على سعي لا يريدونه ولا يدرون ما يحصلون عليه منه قال مالك فان مات سيد المدبر وعليه دين محيط بالمدبر بيع في دينه لانه انما يعتق في الثلث قال فان كان الدين لا يحيط الا بنصف العبد بيع نصفه للدين ثم عتق ثلث ما بقي بعد الدين قال ابو عمر قد بين مالك رحمه الله وجه قوله ومعناه وذلك ان المدبر في الثلث وكل ما كان في الثلث فهو يجري مجرى الوصايا وقد اجمع علماء المسلمين على ان الدين قبل الوصية وقبل الميراث وان الوصية لا يتعدى بها الثلث فلهذا قال ان المدبر يباع كله في الدين ان كان الدين يحيط به أو يباع بعضه على قدر الدين وما بقي فهو في الميراث تنفذ الوصية في ثلثه قل أو كثر وثلثاه للورثة ومن اصله ان من كان عليه دين لم يجز له عتق ولا تدبير ويرد عتقه وتدبيره لان الدين اداؤه فرض والعتق تطوع واما الكوفيون وابو حنيفة واصحابه والحسن بن حي وهو قول الاوزاعي يقولون اذا كان الدين على سيد المدبر مثل قيمته او اكثر سعى في قيمته ولا يباع شيء منه في الدين ومن حجتهم ان المدبر لما لم يجز بيعه في الحياة من اجل الحرية التي يستحقها بالموت كان اولى الا يباع في الحال التي يستحق فيها الحرية وهي موت سيده واما الشافعي فالمدبر عنده وصية يبيعه سيده في حياته ان شاء وبيعه له رجوع فيه كما يرجع في وصيته ويباع في الدين كما يباع في غير المدبر قال ابو عمر ولو اعتق عبده في مرضه عتقا بتلا ولا مال له غيره وعليه دين يحيط بثمنه بيع في الدين ولم ينفذ عتقه وهو قول مالك وبن ابي ليلى وجماعة منهم احمد وداود وقال ابو حنيفة واصحابه ينفذ عتقه ويسعى في قيمته وهو قول الثوري وبن شبرمة وعثمان البتي وعبيد الله والحسن وسوار وهو قول ابراهيم النخعي قال ابو عمر قد بينا فساد هذا القول في ما تقدم فلا معنى لاعادته قال مالك لا يجوز بيع المدبر ولا يجوز لاحد ان يشتريه الا ان يشتري المدبر نفسه من سيده فيكون ذلك جائزا له او يعطي احد سيد المدبر مالا ويعتقه سيده الذي دبره فذلك يجوز له ايضا قال مالك وولاؤه لسيده الذي دبره قال ابو عمر لا يختلفون فيما علمت انه يشتري المدبر نفسه من سيده لانه يعتقه على مال ياخذه منه وعلى غير مال واما قوله او يعطي احد سيده مالا فيعتقه فقد كره قوم ان ياخذ من احد مالا ليعتق مدبره ويكون الولاء له واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم (الولاء لمن اعطى الثمن) قال مالك لا يجوز بيع خدمة المدبر لانه غرر اذ لا يدرى كم يعيش سيده فذلك غرر لا يصلح قال ابو عمر هذا ايضا ما لا خلاف فيه انه لا يجوز لانه من بيوع الغرر كما انه لا خلاف ان السيد المدبر يواجره اياما معلومة او مدة يجوز في مثلها استئجار الحر والعبد. وقال مالك في العبد يكون بين الرجلين فيدبر احدهما حصته انهما يتقاومانه فان اشتراه الذي دبره كان مدبرا كله وان لم يشتره انتقض تدبيره الا ان يشاء الذي بقي له فيه الرق ان يعطيه شريكه الذي دبره بقيمته فان اعطاه اياه بقيمته لزمه ذلك وكان مدبرا كله قال ابو عمر اما اختلاف الفقهاء في هذه المسالة فان الشافعي لا باس عنده ان يدبر الرجل حصته من عبد بينه وبين غيره كما له ان يوصي بذلك والمدبر عنده والعبد غير المدبر سواء ويبقى نصيب الذي دبر مدبرا ونصيب الذي لم يدبر على حاله فان مات الذي دبر نصفه اعتق نصفه ولم يقوم النصف الثاني لان المال قد صار الي الورثة وقد الزم الشافعي مالكا في هذه المسالة بيع المدبر وزعم انه قد نقض فيها قوله (لا يباع المدبر باجازته المقاومة فيه لانه اذا وقع في ملك الذي لم يدبر انتقض التدبير وصار بيعا لما كان دبر منه) واما ابو حنيفة فيقول اذا دبر احد الشريكين في عبد حصته فان لشريكه في ذلك خمس خيارات ان شاء امسك بحصته وان شاء استسعى العبد في قيمة الحصة التي له فيها وان شاء قومها على شريكه كان موسرا او معسرا وقال في الموسر ان شاء ضمنه وان شاء استسعى العبد وان كان معسرا سعى العبد ولم يرجع على العتق وقال ابو يوسف ومحمد في مدبر بين رجلين يعتقه احدهما اذا كان المعتق موسرا فشريكه بالخيار ان شاء اعتق وان شاء ضمن نصف قيمته مدبرا وان شاء استسعى والولاء بينهما نصفان. وقال مالك يقوم على الذي اعتق قيمة عبد وينفسخ التدبير وقال الليث لا يضمن المعتق ونصيب الاخر على ملكه يخدم المدبر للشريك يوما ولنفسه يوما وان مات العبد ورثه الذي له في الرق وقال الليث في عبد بين رجلين دبره احدهما قال يقوم عليه ويدفع إلى صاحبه نصف قيمته ويكون مدبرا كله فان لم يكن له مال سعى في نصف قيمته حتى يؤديها إلى صاحبه فاذا اداها رجع إلى الذي دبر نصفه فكان مدبرا كله فان مات العبد في حال سعايته وترك مالا دفع إلى الذي دبر نصفه فكان الذي لم يدبر ما بقي عليه من نصف قيمته ثم كان ما بقي للذي دبره واختلفوا في العبد بين الرجلين دبر احدهما نصيبه واعتق الاخر فقال مالك يقوم على الذي اعتقه وهو احب الي. وقال الشافعي ان كان الذي اعتق موسرا فالعبد حر كله وعليه نصف قيمته للذي دبره وله ولاؤه وان كان معسرا فنصيبه منه حر ونصيب شريكه مدبر وقال بن ابي ليلى ان كان المعتق معسرا سعى العبد في نصف قيمته الذي دبر ويرجع بذلك على المعتق يتبعه به دينا والولاء كله له وان كان موسرا ضمن نصف القيمة وبطل التدبير واعتق كله على المعتق وقال ابو حنيفة ان شاء الذي دبر ضمن نصف القيمة وان شاء استسعى العبد وان شاء اعتق هذا اذا كان المعتق موسرا وان كان معسرا استسعى العبد ان شاء في نصف قيمته وان شاء اعتق وقال ابو يوسف ومحمد اذا دبر ثم اعتق شريكه كان عتقه باطلا وضمن الذي دبر نصف قيمته موسرا كان او معسرا كان مدبرا كله. وقال مالك في رجل نصراني دبر عبدا له نصرانيا فاسلم العبد قال مالك يحال بينه وبين العبد ويخارج على سيده النصراني ولا يباع عليه حتى يتبين امره فان هلك النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن المدبر الا ان يكون في ماله ما يحمل الدين فيعتق المدبر قال ابو عمر للشافعي في هذه المسالة قولان احدهما كقول مالك والاخر يباع عليه ساعة اسلم واختاره المزني لان المدبر وصية ولا يجوز ترك مسلم في ملك مشرك يذله وقد صار بالاسلام عدوا له وقال الليث بن سعد يباع على النصراني من مسلم يعتقه ويكون ولاؤه للذي اشتراه واعتقه ويدفع إلى النصراني ثمنه وقال سفيان والكوفيون اذا اسلم النصراني قوم قيمته فسعى في قيمته فان مات النصراني قبل ان يفرغ المدبر من سعايته عتق العبد وبطلت السعاية. 1519- مالك انه بلغه ان عمر بن عبد العزيز قضى في المدبر اذا جرح ان لسيده ان يسلم ما يملك منه إلى المجروح فيختدمه المجروح ويقاصه بجراحه من دية جرحه فان ادى قبل ان يهلك سيده رجع إلى سيده قال مالك والامر عندنا في المدبر اذا جرح ثم هلك سيده وليس له مال غيره انه يعتق ثلثه ثم يقسم عقل الجرح اثلاثا فيكون ثلث العقل على الثلث الذي عتق منه ويكون ثلثاه على الثلثين اللذين بايدي الورثة ان شاؤوا اسلموا الذي لهم منه إلى صاحب الجرح وان شاؤوا اعطوه ثلثي العقل وامسكوا نصيبهم من العبد وذلك ان عقل ذلك الجرح انما كانت جنايته من العبد ولم تكن دينا على السيد فلم يكن ذلك الذي احدث العبد بالذي يبطل ما صنع السيد من عتقه وتدبيره فان كان على سيد العبد دين للناس مع جناية العبد بيع من المدبر بقدر عقل الجرح وقدر الدين ثم يبدا بالعقل الذي كان في جناية العبد فيقضى من ثمن العبد ثم يقضى دين سيده ثم ينظر إلى ما بقي بعد ذلك من العبد فيعتق ثلثه ويبقى ثلثاه للورثة وذلك ان جناية العبد هي اولى من دين سيده وذلك ان الرجل اذا هلك وترك عبدا مدبرا قيمته خمسون ومائة دينار وكان العبد قد شج رجلا حرا موضحة عقلها خمسون دينارا وكان على سيد العبد من الدين خمسون دينارا قال مالك فانه يبدا بالخمسين دينارا التي في عقل الشجة فتقضى من ثمن العبد ثم يقضى دين سيده ثم ينظر إلى ما بقي من العبد فيعتق ثلثه ويبقى ثلثاه للورثة فالعقل اوجب في رقبته من دين سيده ودين سيده اوجب من التدبير الذي انما هو وصية في ثلث مال الميت فلا ينبغي ان يجوز شيء من التدبير وعلى سيد المدبر دين لم يقض وانما هو وصية وذلك ان الله تبارك وتعالى قال (من بعد وصية يوصى بها او دين) قال مالك فان كان في ثلث الميت ما يعتق فيه المدبر كله عتق وكان عقل جنايته دينا عليه يتبع به بعد عتقه وان كان ذلك العقل الدية كاملة وذلك اذا لم يكن على سيده دين. وقال مالك في المدبر اذا جرح رجلا فاسلمه سيده إلى المجروح ثم هلك سيده وعليه دين ولم يترك مالا غيره فقال الورثة نحن نسلمه إلى صاحب الجرح وقال صاحب الدين انا ازيد على ذلك انه اذا زاد الغريم شيئا فهو اولى به ويحط عن الذي عليه الدين قدر ما زاد الغريم على دية الجرح فان لم يزد شيئا لم ياخذ العبد. وقال مالك في المدبر اذا جرح وله مال فابى سيده ان يفتديه فان المجروح ياخذ مال المدبر في دية جرحه فان كان فيه وفاء استوفى المجروح دية جرحه ورد المدبر إلى سيده وان لم يكن فيه وفاء اقتضاه من دية جرحه واستعمل المدبر بما بقي له من دية جرحه قال ابو عمر قد احتج مالك في هذا الباب واوضح ما ذهب إليه فالزيادة فيه تكلف واما اختلاف الفقهاء في جراح المدبر فجملة قول مالك في ذلك اذا جنى المدبر اسلم السيد خدمته ان شاء وان شاء فداه فان مات سيده خرج حرا من ثلثه واتبعه الجاني بما جنى وسنذكر قوله في جناية ام الولد في الباب بعد هذا ان شاء الله تعالى واما ابو حنيفة فالمدبر عنده وام الولد سواء لا سبيل إلى اسلام واحد منهما وعلى السيد اقل من ارش الجناية او قيمة الرقبة فان جنى بعد ذلك او احدهما فالمجني عليه شريك الاول وقال زفر المجني عليه بالخيار ان شاء استسعى المدبر بقية جنايته وان شاء اتبع سيده وقال ابو يوسف ومحمد يستسعى المدبر في جنايته ولا شيء على المولى واما الشافعي فالمدبر عنده لسيده عبد له الرجوع فيه وله اسلامه بجنايته وفداؤه كسائر العبيد واما اسلام المدبر فهو اسلام خدمته إلى المجروح ليستوفي منها مقدار دية جرحه ثم يعتق من المدبر ثلثه ان لم يكن لسيده مال غيره هذا اذا لم يكن عليه دين فان كان عليه دين واراد الغرماء الزيادة على دية الجرح فهي من حقوقهم لانهم يدفعون إلى المجروح من قبل انفسهم دية الجرح وياخذون المدبر لانفسهم فيستوفون من خدمته مقدار ما ادوه إلى صاحب الجرح لان ذلك ينحط من دين صاحبه وانما يقضى لهم بذلك على المجروح فانه لا ضرر على المجروح في ذلك وفيه منفعة للعبد والورثة فاما منفعة العبد فانه ياخذ من تلك الزيادة التي زادها الغرماء على دية الجرح ثلثها وتكون فيه من الحرية بقدر ذلك فاما منفعة الورثة فانه ينحط من الدين عنهم بمقدار تلك الزيادة لانه لا ميراث الا بعد الدين فهذه مذاهب اصول هؤلاء الفقهاء ائمة الفتوى في جناية المدبر وكل ما يفرغ منها يسهل رده عليها بفضل الله وعونه وبالله التوفيق لا شريك له. 1520- قال مالك في ام الولد تجرح ان عقل ذلك الجرح ضامن على سيدها في ماله الا ان يكون عقل ذلك الجرح اكثر من قيمة ام الولد فليس على سيدها ان يخرج اكثر من قيمتها وذلك ان رب العبد او الوليدة اذا اسلم غلامه او وليدته بجرح اصابه واحد منهما فليس عليه اكثر من ذلك وان كثر العقل فاذا لم يستطع سيد ام الولد ان يسلمها لما مضى في ذلك من السنة فانه اذا اخرج قيمتها فكانه أسلمها فليس عليه اكثر من ذلك وهذا احسن ما سمعت وليس عليه ان يحمل من جنايتها اكثر من قيمتها قال ابو عمر قوله وهذا احسن ما سمعت في ما وصف دليل على انه قد سمع الاختلاف فيه ومن الاختلاف في ذلك ما رواه انس بن الوليد عن ابي يوسف قال سالت ربيعة بن ابي عبد الرحمن عن ام ولد قتلت رجلا قال يقال لمولاها اد دية قتيلها فان فعل ذلك والا اعتقتها عليه وجعلت دية قتيلها على عاقلتها وقال الليث بن سعد في جناية ام الولد يخير المولى بين ان يؤدي عقل جنايتها بينه وبين قيمة رقبتها وان شاء اسلمها لتسعى في قيمتها ليس على المولى غير ذلك قال مالك واصحابه ليس إلى اسلام ام الولد بجنايتها سبيل وعلى السيد ان يفديها بجنايتها الا ان تكون الجناية اكثر من قيمة رقبتها فليس عليه اكثر من قيمة رقبتها امة وانما عليه الاقل من قيمة الرقبة او ارش الجناية فان جنت بعد ذلك كان عليه ايضا اخراج قيمتها مرة ثانية وكذلك ثالثة ورابعة واكثر وبهذا قال المغيرة المخزومي وروي عن مالك انه ليس على سيدها ان يخرج على قيمتها الا قيمة واحدة وبه قال بن القاسم وكذلك اختلف قول الشافعي فيها على هذين القولين ذكر المزني عن الشافعي ان جنت ام الولد ضمن سيدها الاقل من الارش او القيمة فان جنت اخرى ففيها قولان احدهما ان الثاني يشارك الاول في تلك القيمة ثم هكذا كلما جنت والقول الثاني ان المولى يغرم قيمة اخرى للثاني وكذلك كلما جنت واما ابو حنيفة فام الولد عنده والمدبر سواء لا سبيل إلى اسلام واحد منهما بجنايته وعلى السيد الاقل من ارش الجناية او قيمة الرقبة فان جنتا بعد ذلك فالمجني عليه شريك الاول وقال زفر في ام الولد اذا جنت مرة بعد مرة فعلى السيد اخراج القيمة ثانية وثالثة ولو قتلت رجلين او ثلاثة خطا فعلى المولى لورثة كل واحد منهم القيمة وهو قول الحسن بن صالح بن حي وقال ابو يوسف عليه قيمة واحدة يشتركون فيها وقال الثوري في المدبر وام الولد على المولى القيمة وقال الاوزاعي ان جنت ام الولد فعلى سيدها قيمتها ان بلغتها جنايتها. 1521- مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر انه قال جاءت اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ان رجلا منهم وامراة زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما تجدون في التوراة في شأن الرجم) فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم ان فيها الرجم فاتوا بالتوراة فنشروها فوضع احدهم يده على اية الرجم ثم قرا ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فاذا فيها اية الرجم فقالوا صدق يا محمد فيها اية الرجم فامر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما فقال عبد الله بن عمر فرايت الرجل يحني على المراة يقيها الحجارة قال مالك يعني يحني يكب عليها حتى تقع الحجارة عليه قال ابو عمر كذا رواه يحيى عن مالك يحني على المراة يريد يميل عليها كانه ماخوذ من حنى الشيخ اذا انحنى وقال ابو عبيد كذا يرويه اهل الحديث وانما هو يحنا مهموز يقال منه حنا يحنأ حناء وحنوءا اذا مال والمنحنىء والانحناء حنا ويحنا بمعنى واحد قال ابو عمر قد روي يحنئ بالحاء عن طائفة من اصحاب مالك والمعنى متقارب جدا وقال ايوب عن نافع يجانىء عنها بيده وقال معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر يجافي بيده وفي هذا الحديث جواز سؤال اهل الكتاب عن كتابهم وفي ذلك دليل على ان التوراة صحيحة بايديهم ولولا ذلك ما سالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها وفي ما ذكرنا دليل على ان ما كانوا يكتبونه بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله هي كتب احبارهم ورهبانهم كانوا يصنعون لهم كتبا من ارائهم ويضيفونها إلى الله عز وجل ولهذا وشبهه من اشكال امرهم نهينا عن تصديق ما حدثونا به وعن تكذيبه حذرا من ان نصدق بباطل او نكذب بحق وقد افردنا لهذا المعنى بابا في كتابنا كتاب بيان العلم وفضله وفي هذا الحديث ايضا دليل على ان من اليهود قوما يكذبون على توراتهم ويسترون منها عن المسلمين ما يشهد للمسلمين ويوافق دينهم لانهم ذكروا ان الزناة محصنين كانوا او غير محصنين ليس عليهم في التوراة رجم وكذبوا لان فيها على من احصن الرجم وفيه ان اهل الكتاب اذا ارتفعوا الينا متحاكمين راضين بحكمنا فيهم وكانت شريعتنا موافقة في ذلك لحكم شريعتهم جاز لنا ان نظهر عليهم بكتابهم حجة عليهم وان لم تكن الشريعة في ذلك الحكم موافقة لحكمهم حكمنا بينهم بما انزل الله تعالى في كتابه القران اذا تحاكموا الينا ورضوا بحكمنا ويتحمل ذلك ان يكون خصوصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والاجماع على ان ذلك لم يعمل به احد بعده ولقول الله عز وجل ( اولم يكفهم انا انزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم) [العنكبوت 51]. والله اعلم واختلف العلماء في الحكم بينهم اذا ترافعوا الينا في صوماتهم وسائر مظالمهم واحكامهم هل علينا ان نحكم بينهم فرضا واجبا ام نحن فيه مخيرون فقال جماعة من فقهاء الحجاز والعراق ان الامام والحاكم يخير ان شاء حكم بينهم اذا تحاكموا إليه بحكم الاسلام وان شاء اعرض عنهم وقالوا ان هذه الاية محكمة لم ينسخها شيء قوله تعالى (فان جاؤوك فاحكم بينهم او اعرض عنهم وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ان الله يحب المقسطين) المائدة وممن قال ذلك مالك والشافعي احد القولين وهو قول عطاء والشعبي والنخعي وروي ذلك عن بن عباس من حديث بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس في قوله تعالى (فان جاؤوك فاحكم بينهم او اعرض عنهم) الاية [المائدة 42]. قال نزلت في بني قريظة وهي محكمة وذكر وكيع عن سفيان عن مغيرة عن الشعبي وابراهيم (فان جاءوك فاحكم بينهم او اعرض عنهم) [المائدة 42]. قال ان شاء حكم وان لم يشا لم يحكم وروى عيسى عن بن القاسم قال ان تحاكم اهل الذمة إلى حكم المسلمين ورضي الخصمان به جميعا فلا يحكم بينهم الا برضى من اساقفتهم فان كره ذلك اساقفتهم فلا يحكم بينهم وكذلك ان رضي الاساقفة ولم يرض الخصمان او احدهما لم يحكم بينهم المسلمون وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال مضت السنة ان يرد اهل الذمة في حقوقهم ومعاملاتهم ومواريثهم إلى اهل دينهم الا ان ياتوا راغبين فيحكم بينهم حاكمنا بكتاب الله عز وجل (وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ان الله يحب المقسطين) [المائدة 42]. وعن الثوري عن قابوس بن ابي ظبيان عن ابيه قال كتب محمد بن ابي بكر إلى علي رضي الله عنه يساله عن مسلم زنى بنصرانية فكتب إليه اقم الحد على المسلم ورد النصرانية إلى اهل دينها وقال اخرون واجب على الحاكم ان يحكم بينهم بما انزل الله إليه اذا تحاكموا إليه وزعموا ان قوله عز وجل (وان احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم) [المائدة 49]. ناسخ للتخيير في الحكم بينهم في الاية التي قبل هذه وروي ذلك عن بن عباس من حديث سفيان بن حسين والحكم عن مجاهد عن بن عباس ومنهم من يرويه عن سفيان بن حسين عن الحكم عن مجاهد من قوله وهو صحيح عن مجاهد وعكرمة وبه قال الزهري وعمر بن عبد العزيز والسدي واليه ذهب ابو حنيفة واصحابه وهو احد قولي الشافعي وبه قال ابو حنيفة قال اذا جاءت المراة والزوج فعليه ان يحكم بينهما بالعدل وان جاءت المراة وحدها ولم يرض الزوج لم يحكم وقال ابو يوسف ومحمد بل يحكم وكذلك اختلف اصحاب مالك على هذين القولين اذا شكا احد الزوجين وابى صاحبه من التحاكم الينا فمنهم من قال يحكم لانه من التظالم الذي لم يلزمه ان يمنع منه بعضهم من بعض ومنهم من قال لا يحكم بينهما الا ان يرضيا جميعا بحكمه ولم يختلف قول مالك واصحابه في الذمي يسرق الذمية ويرفع إلى حاكم المسلمين انه يلزمه الحكم بينهما بالقطع للسارق منهما لان ذلك من الحرابة والفساد فلا يقرون عليه ولا على التلصص. وقال الشافعي ليس الحاكم بالخيار في احد من المعاهدين الذين يجري عليهم حكم الاسلام اذا جاءه في حد الله عز وجل وعليه ان يقيمه لقول الله عز وجل (وهم صاغرون) [التوبة 29]. واختاره المزني وقال في كتاب الحدود لا يحدون اذا جاؤوا الينا في حد الله تعالى ويردهم الحاكم إلى اهل دينهم قال الشافعي وما كانوا يدينون به فلا يحكم عليهم بابطاله اذا لم يرتفعوا الينا ولا يكفوا عن ما استحلوا ما لم يكن ضررا على مسلم او معاهد او مستامن قال وان جاءت امراة تستعدي بان زوجها طلقها او إلى منها حكمه حكم المسلمين قال ابو عمر الصحيح في النظر - عندي - ان لا يحكم بنسخ شيء من القران الا بما قام به الدليل الذي لا مدفع له ولا يحتمل التاويل وليس في قوله عز وجل (وان احكم بينهم بما انزل الله) [المائدة 49]. دليل على انها ناسخة لقوله عز وجل (فان جاؤوك فاحكم بينهم او اعرض عنهم وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط) الاية [المائدة 42]. لانها تحتمل معناها ان تكون وان احكم بينهم بما انزل الله ان حكمت ولا تتبع اهواءهم فتكون الايتان محكمتين مستعملتين غير متدافعتين نقف على هذا الاصل في نسخ القران بعضه ببعض لانه لا يصح الا باجماع لا تنازع فيه او لسنة لا مدفع لها او يكون التدافع في الايتين غير ممكن فيهما استعمالهما ولا استعمال احدهما ان لا يدفع الاخرى فيعلم انها ناسخة لها وبالله التوفيق واختلف الفقهاء ايضا في اليهوديين من اهل الذمة اذا زنيا هل يحدان اذا رفعهما حكامهم الينا ام لا فقال مالك اذا زنا اهل الذمة او شربوا الخمر فلا يعرض لهم الامام الا ان يظهروا ذلك في ديار المسلمين فيدخلوا عليهم الضرر فيمنعهم السلطان من الاضرار بالمسلمين قال مالك وانما رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهوديين لانه لم يكن لليهود يومئذ - ذمة وتحاكموا إليه وقال ابو حنيفة واصحابه يحدان اذا زنيا كحد المسلم وهو احد قولي الشافعي قال في كتاب الحدود ان تحاكموا الينا فلنا ان نحكم او ندع فان حكمنا حددنا المحصن بالرجم لان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا وجلدنا البكر مائة وغربناه عاما وقال في كتاب الجزية لا خيار للامام ولا للحاكم اذا جاءه في حد الله عز وجل وعليه ان يقيمه عليهم في قول الله عز وجل (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) [التوبة 29]. والصغار ان يجري عليهم حكم الاسلام وهذا القول اختاره المزني واختار غيره من اصحاب الشافعي القول الاول وقال الطحاوي حين ذكر قول مالك انما رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهوديين لانه لم تكن لهم ذمة وتحاكموا إليه قال ولو لم يكن واجبا عليهم لما اقامه النبي صلى الله عليه وسلم قال واذا كان من لا ذمة له قد حده النبي صلى الله عليه وسلم في الزنى فمن له ذمة احرى بذلك قال ولم يختلفوا ان الذي يقطع في السرقة قال ابو عمر سنذكر اختلافهم في حد الاحصان في موضعه من هذا الكتاب ان شاء الله عز وجل وقالت طائفة ممن راى اية التخيير في الحكم بين اهل الذمة منسوخة لقول الله عز وجل (وان احكم بينهم بما انزل الله) [المائدة 49]. قالوا على الامام اذا علم من اهل الذمة حدا من حدود الله عز وجل ان يقيمة عليهم وان لم يتحاكموا إليه لان الله تعالى يقول (وان احكم بينهم بما انزل الله) [المائدة 49]. ولم يقل ان تحاكموا اليك قالوا والسنة تبين ذلك واحتجوا بحديث البراء بن عازب في ذلك وقد ذكرناه في (التمهيد) وليس فيه بيان ما ذكروا ولا يثبت ما ادعوا قال واحتجوا ايضا بحديث مالك وليس فيه ان اليهود تحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا ليس بشيء لأن فيه ان اليهود جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ياتوا الا متحاكمين إليه راضين بحكمه وهم كانوا الذين اليهم اقامة الحدود عندهم ودعوه إلى الحكم بينهم وجاؤوه بالتوراة اذ دعاهم اليها ويدل على ذلك ايضا حديث ابي هريرة من رواية بن شهاب وغيره وعن رجل من مزينة عن سعيد بن المسيب عن ابي هريرة وقد ذكرناه بطوله من طرق في (التمهيد) وقد ذكرنا هناك حديث الشعبي عن جابر في هذا المعنى حدثناه عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني ابو داود قال حدثني يحيى بن موسى قال حدثني ابو اسامة قال اخبرنا مجالد عن عامر عن جابر بن عبد الله قال جاءت يهود بامراة ورجل منهم زنيا فقال (ائتوني باعلم رجلين منكم) فاتوه بابني صوريا فنشدهما كيف تجدان امر هذين في التوراة قالا نجد في التوراة اذا شهد اربعة انهم راوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما قال فما منعكما ان ترجماهما قال ذهب سلطاننا فكرهنا القتل فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود فجاء اربعة فشهدوا انهم راوا ذكره في فرجها كالميل في المكحلة فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما قال ابو عمر يحتمل ان يكون الشهود مسلمين وهو الاظهر في هذا الخبر ولذلك تحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والله اعلم وروى شريك عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم يهوديا ويهودية انفرد به شريك عن سماك واخبرنا احمد بن عبد الله قال حدثنا الحسن بن إسماعيل قال حدثني عبد الملك بن محمد قال حدثني محمد بن إسماعيل السائغ قال حدثني سنيد عن هشيم عن العوام بن حوشب عن ابراهيم التيمي وان حكمت بينهم فاحكم بالقسط يعني بالرجم. 1522- مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب ان رجلا من اسلم جاء إلى ابي بكر الصديق فقال له ان الاخر زنى فقال له ابو بكر هل ذكرت هذا لاحد غيري فقال لا فقال له ابو بكر فتب إلى الله واستتر بستر الله فان الله يقبل التوبه عن عباده فلم تقرره نفسه حتى اتى عمر بن الخطاب فقال له مثل ما قال لابي بكر فقال له عمر مثل ما قال ابو بكر فلم تقرره نفسه حتى اتى عمر بن الخطاب فقال له مثل ما قال لابي بكر فقال فلم تقرره نفسه حتى جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ان الاخر زنى فقال سعيد فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك يعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اذا اكثر عليه بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اهله فقال (ايشتكي ام به جنة) فقالوا يا رسول الله والله انه لصحيح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ابكر ام ثيب) فقالوا بل ثيب يا رسول الله فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجم. 1523- مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من اسلم يقال له هزال (يا هزال ! لو سترته بردائك لكان خيرا لك) قال يحيى بن سعيد فحدثت بهذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال الاسلمي فقال يزيد هزال جدي وهذا الحديث حق. 1524- مالك عن بن شهاب انه اخبره ان رجلا اعترف على نفسه بالزنى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد على نفسه اربع مرات فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجم قال بن شهاب فمن اجل ذلك يؤخذ الرجل باعترافه على نفسه قال ابو عمر اما الحديث الاول في هذا الباب عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب ان رجلا من اسلم - ولم يسم الرجل - فقد سماه فيه يزيد بن هارون وغيره ممن روى عن يحيى بن سعيد قال يزيد بن هارون وغيره عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب ان ماعز بن مالك الاسلمي اتى إلى ابي بكر الصديق فاخبره انه زنى فقال له ابو بكر هل ذكرت ذلك لاحد غيري قال لا فقال له ابو بكر استتر بستر الله وتب إلى الله تعالى فان الناس يعيرون ولا يعيرون واما الله عز وجل يقبل التوبة عن عباده قال ابو عمر هو ماعز بن مالك الاسلمي لا خلاف بين العلماء في ذلك وقد تكررت الاثار المروية في قصته بذلك وقد روي معنى حديث مالك هذا متصلا من وجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكرنا بعضها في (التمهيد) ونذكر منها ما حضرنا في هذا الباب ان شاء الله عز وجل وروى بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب ان رجلا من اسلم اتى عمر فقال ان الاخر زنى فقال تب إلى الله تعالى واستتر بستر الله فان الله يقبل التوبة عن عباده وان الناس يعيرون ولا يعيرون فلم تدعه نفسه حتى اتى ابا بكر فقال له مثل ذلك فقال له قول عمر ورد عليه مثل ما رد عليه عمر فلم تدعه نفسه حتى اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأعرض عنه فأتاه من الشق الاخر فأعرض عنه فأتاه من الشق الاخر فذكر له ذلك فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه فسألهم عنه (ابه جنون ابه ريح) فقالوا لا فأمر به فرجم قال يحيى بن سعيد عن نعيم بن عبد الله بن هزال ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لهزال (لو سترته بثوبك كان خيرا لك) قال وهزال كان امره ان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره ذكره عبد الرزاق عن بن عيينة قال وقال بن عيينة قال واخبرني عبد الله بن دينار قال قام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال (ايها الناس اجتنبوا هذه القاذورة التي نهاكم الله عنها ومن اصاب من ذلك شيئا فليستتر) وفي هذا الحديث من الفقه أن ستر المسلم على نفسه ما وقع فيه من الكبائر الموجبة للحدود والتوبة منها والندم عليها والاقلاع عنها اولى به من الاقرار بذلك على نفسه الا ترى ان ابا بكر اشار بذلك على الرجل الذي اعترف عنده بالزنى وكذلك فعل عمر رضي الله عنهما وهو ماعز الاسلمي لا خلاف في ذلك بين اهل العلم وذلك مشهور في الاثار وكذلك اعراض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه حين اقر على نفسه بالزنى حتى اكثر عليه كان - والله اعلم - رجاء الا يتمادى في الاقرار وان ينتبه ويرعوي ثم ينصرف فيعقد التوبه مما وقع فيه هذا مذهب من قال ان الاعتراف بالزنى مرة واحدة يكفي واما من قال انه لا بد من اقراره اربع مرات ! فقالوا انما اعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتم اقراره عنده وليس رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك كغيره لانه كان إليه اقامة الحدود لله تعالى ومن كان ذلك إليه لم يكن له - اذا بلغته وثبت عنده ما يوجبها - الا اقامتها ولم يكن ابو بكر ولا عمر في ذلك الوقت كذلك وسنذكر اختلاف الفقهاء في حكم اقرار المعترف في الزنى وهل يحتاج إلى تكرار الاقرار ام لا في حديث بن شهاب بعد هذا في هذا الباب ان شاء الله يدلك ان الستر واجب من المؤمن على المؤمن قوله - صلى الله عليه وسلم تعافوا الحدود فيما بينكم فانه اذا بلغني ذلك فلا عفو) وقوله صلى الله عليه وسلم لهزال الاسلمي (يا هزال لو سترته بردائك لكان خيرا لك) وكان هزال قد امره ان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعترف عنده بما وقع منه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول معرفا له ان ستره عليه كان افضل واولى به واذا كان ستر المسلم على المسلم مندوبا إليه مرغوبا فيه فستر المرء على نفسه اولى به وعليه التوبة مما وقع فيه ويدلك ايضا على ما وصفت لك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (ايشتكي ابه جنة) فيقول امجنون هو يبلغ نفسه إلى الموت وهو يمكنه ان يتوب ويستغفر الله تعالى ولا يعود فان الله تعالى يقبل عن عباده ويحب التوابين واما قوله ان الاخر زنى فالرواية فيه بكسر الخاء على وزن فعل عند اهل اللغة والمعنى فيه ان البائس الشقي زنى كما تقول الأبعد زنى قال ذلك توبيخا لنفسه قال اهل اللغة في قول قيس بن عاصم المسألة اخر كسب الرجل أي ارذل كسب الرجل حدثني محمد بن عبد الله بن حكم قال حدثني محمد بن معاوية بن عبد الرحمن قال حدثني إسحاق بن ابي حسان قال حدثني هشام بن عمار قال حدثني عبد الحميد بن حبيب قال حدثني الاوزاعي قال اخبرني عثمان بن ابي سودة قال حدثني من سمع عبادة بن الصامت يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله - عز وجل - ليستر العبد من الذنب ما لم يخرقه) قالوا وكيف يخرقه قال (يحدث به الناس) حدثني خلف بن قاسم قال حدثني قاسم بن عبد الرحمن ابو عيسى الاسواني قال حدثني إسحاق بن ابراهيم بن يونس قال حدثني سفيان بن وكيع بن الجراح قال ! حدثني ابي عن اسرائيل عن جابر عن عامر عن عبد الرحمن بن ابزى عن ابي بكر الصديق رضي الله عنه ان ماعزا اقر على نفسه بالزنى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (ان اقررت الرابعة اقمت عليك الحد) فأقر عنده الرابعة فأمر به فحبس ثم سأل عنه فذكروا خيرا فرجم وهذا حديث حسن الا ان جابرا الجعفي يتكلمون فيه واجمعوا على ان يكتب حديثه واختلفوا في الاحتجاج به فكان يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان عنه وكان احمد بن حنبل ويحيى بن معين يضعفانه وكان شعبة بن الحجاج وسفيان الثوري يشهدان له بالحفظ والاتقان وكان وكيع وزهير بن معاوية يوثقانه ويثنيان عليه قال وكيع مهما شككتم فلا تشكوا فان جابر الجعفي ثقة واما حديث مالك في هذا الباب عن بن شهاب مرسلا فرواه معمر ويونس عن الزهري عن ابي سلمة عن جابر ان رجلا من اسلم اتى النبي صلى الله عليه وسلم الحديث ورواه شعيب بن ابي حمزة وعقيل بن خالد عن بن شهاب عن ابي سلمة وسعيد بن المسيب عن ابي هريرة ان ماعزا الاسلمي اتى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف عنده بالزنى فرده اربع مرات وذكر الحديث قال بن شهاب. وحدثني من سمع جابر بن عبد الله يقول كنت فيمن رجمه فلما اذلقته الحجارة هرب فأدركناه بالحرة فرجمناه وقد ذكرنا طرق حديث بن شهاب والفاظ ناقديه بالاسانيد في كتاب (التمهيد) وقد روى حديث ماعز في قصة اعترافه بالزنى ورجمه عن النبي صلى الله عليه وسلم بن عباس وروي حديثه ايضا من وجوه جابر بن عبد الله وجابر بن سمرة وسهل بن سعد ونعيم بن هزال وابو سعيد الخدري وفي اكثرها انه اعترف اربع مرات وفي بعضها مرتين وفي بعضها ثلاث مرات وقد ذكرنا ذلك في (التمهيد) وفي رواية شعبة واسرائيل وابي عوانة عن سماك عن جابر بن سمرة انه اعترف مرتين فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجم واختلف الفقهاء في عدد الاقرار بالزنى فقال مالك والشافعي والليث وعثمان البتي اذا اقر مرة واحدة بالزنى حد وهو قول الحسن البصري وحماد الكوفي وبه قال ابو ثور وداود والطبري ومن حجتهم على من خالفهم ان الاثار مختلفة في اقرار ماعز وروي فيها انه اقر مرة وروي انه اقر مرتين وروي انه اقر ثلاثا وروي انه اقر اربع مرات وسقط الاحتجاج به وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابي هريرة وزيد بن خالد (واغد يا انيس على امراة هذا فان اعترفت فارجمها) ولم يقل ان اعترفت اربع مرات وكل ما وقع عليه اعتراف وجب به الحد وقد اجمع العلماء على ان الاقرار في الاموال يجب مرة واحدة فدل ذلك على انه لا يراعى عدد الشهود لان الشهادة لا تصح بأقل من شاهدين وقال ابو حنيفة واصحابه والثوري وبن ابي ليلى والحسن بن حي لا يجب عليه الحد في الزنى حتى يقر اربع مرات وهو قول الحكم بن عتيبة وبه قال احمد واسحاق وقال ابو حنيفة واصحابه اربع مرات في مجالس مفترقة وقال ابو يوسف ومحمد يحد في الخمر باقراره مرة واحدة وقال زفر لا يحد في الخمر حتى يقر مرتين في موطنين وقال ابو حنيفة وزفر ومحمد اذا اقر مرة واحدة في السرقة صح اقراره وقال ابو يوسف حتى يقر مرتين قال ابو عمر من حجتهم حديث سعيد بن جبير عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم رد ماعزا حتى اقر اربع مرات ثم امر برجمه واحاديث كثيرة فيها الاقرار منه اربع مرات قد ذكرتها في (التمهيد) قالوا وليس تقصير من قصر فيما حفظ غيره بحجة عليه ومن حفظ اربع مرات فقد زاد حفظه على حفظ غيره وشهادته اولى لانه سمع ما لم يسمع غيره وسنذكر ما يلزم من رجع عن اقراره بالزنى واكذب نفسه وما للفقهاء من التنازع في باب من اعترف على نفسه بالزنى من هذا الكتاب ان شاء الله عزوجل. 1525- مالك عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن ابيه زيد بن طلحة عن عبد الله بن ابي مليكة ! انه اخبره ان امراة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته انها زنت وهي حامل فقال لها رسول الله (اذهبي حتى تضعي) فلما وضعت جاءته فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (اذهبي حتى ترضعيه) فلما ارضعته جاءته فقال ( اذهبي فاستودعيه) قال فاستودعته ثم جاءت فأمر بها فرجمت هكذا قال يحيى في هذا عن مالك عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن ابيه زيد بن طلحة عن عبد الله بن ابي مليكة فجعل الحديث من مرسل عبد الله بن ابي مليكة وكذلك قال ابو مصعب عن مالك كما قال يحيى بن زيد بن طلحة عن عبد الله بن ابي مليكة فجعل الحديث من مرسل عبد الله وكذلك روى بن عفير في (الموطأ) وقال القعني وبن القاسم ومطرف وبن بكير في اكثر الروايات عنه عن مالك عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن ابيه زيد بن طلحة بن عبد الله بن ابي مليكة فجعلوا الحديث من مرسل زيد بن طلحة وهو الصواب ان شاء الله تعالى ورواه بن وهب برفع موضع الاشكال منه ولم يقل عن بن ابي مليكة ولا جاء فيه بذكر بن ابي مليكة فرواه في (الموطأ) عن مالك عن زيد بن طلحة التيمي عن ابيه ان امراة اتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت انها زنت وهي حامل فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم (اذهبي حتى تضعي) فذهبت فلما وضعت جاءته فقال (اذهبي حتى ترضعيه) فلما ارضعته جاءته فقال (اذهبي حتى تستودعيه) فلما استودعته جاءته فأقام عليها الحد وزيد بن طلحة هذا والد يعقوب معروف عند اهل الحديث يروي عن بن عباس وسعيد المقبري روى عنه الثوري وعبد الرحمن بن إسحاق وبن يعقوب وروى عن ابنه يعقوب مالك وهشام بن سعد وموسى بن عبيدة ومحمد بن جعفر بن ابي كثير الا ان اهل الحديث ينسبه بعضهم في بني تيم قريش فيقولون التيمي ويختلفون فمنهم من جعله من ولد عبد الرحمن بن ابي بكر الصديق ومنهم من ينسبه إلى بن جدعان ومنهم من يجعله من ولد طلحة بن ركانة وليس بشيء ولا يعرفه اهل النسب الا في تيم قريش ولا في ولد ركانة وركانة مطلبي لا تيمي فيعقوب وابوه زيد بن طلحة مجهولان عند اهل العلم بالنسب معروفان عند اهل الحديث وهكذا قال بن وهب فاقام عليها الحد ولم يذكر رجما وما في الحديث من انتظار الفطام - والله اعلم - دليل على ان حدها كان الرجم وقد روى هذا الحديث عمران بن حصين من وجه صحيح عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يذكر فيه انتظار الرضاع والفطام منه وقال فيه فلما وضعت اتته فامر بها فشكت عليها ثيابها يعني شدت ثم رجمت وامرهم فصلوا عليها فقال له عمر انصلي عليها وقد زنت فقال (والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو قسمت ما بين سبعين من اهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت ان جادت باكثر من نفسها) رواه يحيى بن كثير عن ابي قلابة عن ابي المهلب عن عمران بن حصين وكذا رواه اكثر اصحاب يحيى بن كثير وقال فيه يحيى بن ابي كثير عن ابي قلابه عن ابي المهاجر عن عمران بن حصين فوهم فيه اذ جعل موضع ابي المهلب ابا المهاجر وقد ذكرناه بالاسانيد من طرق في (التمهيد) وقد روي انتظار الرضاع والفطام في هذا الحديث من حديث النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه من حديث علي بن ابي طالب رضي الله عنه وحديث ابي بكرة وحديث بريدة الاسلمي وفي حديث علي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (انا اكفله) ولكنه من حديث حسين بن ضميرة وليس بشيء وحديث ابي بكرة فيه رجل مجهول واحسن الاحاديث اسنادا في ذلك حديث بريدة وفيه فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبي فرفع إلى رجل من المسلمين يكفله حدثني عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني ابو داود قال حدثني ابراهيم بن موسى الرازي قال حدثني عيسى بن يونس عن بشير بن المهاجر. وحدثني سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان ولفظ الحديث لهما قالا حدثني قاسم بن اصبغ قال حدثني محمد بن وضاح قال حدثني ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثني عبد الله بن نمير قال حدثني بشير بن المهاجر قال حدثني عبد الله بن بريدة عن ابيه قال جاءت الغامدية فقالت يا رسول الله ! اني قد زنيت واريد ان تطهرني فردها فلما كان الغد اتته فقالت يا نبي الله لم تردني لعلك تريد ان تردني كما رددت ماعز بن مالك فوالله اني لحبلى فقال (اما لا فاذهبي حتى تلدي) فلما ولدت اتته بالصبي في خرقة فقالت هذا ولدته قال (اذهبي فارضعيه حتى تفطميه) فلما فطمته اتته بالصبي وفي يده كسرة خبز فقالت هذا يا نبي الله ! قد فطمته وقد اكل الطعام فدفع الغلام إلى رجل من المسلمين ثم امر بها فحفر لها إلى صدرها وامر الناس ان يرموا واقبل خالد بن الوليد فرمى راسها فتنضح الدم على وجهه فسبها فسمع النبي صلى الله عليه وسلم سبه اياها فقال (مهلا يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر الله له) ثم امر بها فصلى عليها ودفنت واختلف الفقهاء في انتظار المراة الحامل تقر على نفسها بالزنى إلى ان تضع ولدها وتفطمه فقال مالك لا تحد حتى تضع اذا كانت ممن يجلد وان كان رجما رجمت بعد الوضع وقد روي عنه انها لا ترجم حتى تجد من يكفل ولدها بعد الرضاعة والمشهور من مذهبه انه ان وجد للصبي من يرضعه رجمت وان لم يوجد للصبي من يرضعه لم ترجم حتى تفطم الصبي فاذا فطم الصبي رجمت وقال ابو حنيفة لا تحد حتى تضع فاذا كان جلدا فحتى تقال من النفاس وان كان رجما رجمت بعد الوضع. وقال الشافعي اما الجلد فيقام عليها اذا ولدت وافاقت من نفاسها واما الرجم فلا يقام عليها حتى تفطم ولدها ويوجد من يكفله اتباعا للحديث في ذلك وبه قال احمد واسحاق وقد روي عن الشافعي مثل قول مالك وابي حنيفة ترجم اذا وضعت وروي ذلك عن علي في شراحة الهمذانية وروي عن علي بن ابي طالب ايضا من ثلاثة اوجه من حديث عبد الرحمن السلمي ومن حديث ابي جميلة الطهوي ومن حديث عاصم بن ضميرة كلهم عن علي ان امة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضهم يقول لبعض نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم زنت فلما ولدت امرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اجلدها بعد ما تعلت من نفاسها فجلدتها اخبرنا احمد بن سعيد بن بشر قال حدثني بن ابي دليم قال حدثني بن وضاح قال حدثني عبد العزيز بن عمران بن مقلاص قال حدثني بن وهب قال حدثني معاوية بن صالح عن علي بن ابي طلحة قال كان بن عباس يقول في ولد الزنى لو كان شر الثلاثة لم يتان بامه ان ترجم حتى تضعه واختلفوا في الحفر للمرجوم فقالت طائفة يحفر له ورووا ذلك عن علي في شراحة الهمذانية حين امر برجمها وبه قال قتادة واليه ذهب ابو ثور ذكر سنيد قال حدثني هشيم قال اخبرنا الاجلح عن الشعبي قال اتي علي بن ابي طالب رضي الله عنه بامراة يقال لها شراحة حبلى من الزنى فقال لها لعل رجلا استكرهك قالت لا قال فلعل رجلا اتاك في منامك قالت لا قال فلعل زوجك من عدونا فاتاك سرا فانت تكرهين ان تطلعينا عليه فقالت لا فامر بها فحبست فلما وضعت اخرجها يوم الخميس فجلدها مائة ثم ردها إلى السجن فلما كان يوم الجمعة اخرجها فحفر لها حفيرا فادخلها فيه واحدق بها الناس لرميها فقال ليس هكذا الرجم اني اخاف ان يصيب بعضكم بعضا ولكن صفوا كما تصفون للصلاة ثم قال الرجم رجمان رجم سر ورجم علانية فما كان منه من اقرار فاول من يرجم الامام ثم الناس وما كان منه ببينة فاول من يرجم البينة ثم الامام ثم الناس قال. وحدثني يحيى بن زكريا عن مجالد عن الشعبي ان عليا رضي الله عنه حفر لشراحة بنت مالك إلى الصرة. وقال مالك لا يحفر للمرجوم وقال بن القاسم والمرجومة مثله وقال ابو حنيفة لا يحفر للمرجوم وان حفر للمرجومة فحسن. وقال الشافعي ان شاء حفر وان شاء لم يحفر وقال احمد بن حنبل اكثر الاحاديث على ان لا يحفر والله اعلم قال ابو عمر قد استدل بعض اصحابنا على ان لا يحفر للمرجوم بحديث بن عمر في رجم اليهوديين قال لو حفر لكل واحد منهما كان احدهما يحني على الاخر ليقيه الحجارة. 1526- مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابي هريرة وزيد بن خالد الجهني انهما اخبراه ان رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال احدهما يا رسول الله ! اقض بيننا بكتاب الله وقال الاخر وهو افقههما اجل يا رسول الله ! فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي ان اتكلم قال (تكلم) فقال ان ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامراته فاخبرني ان على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي ثم اني سالت اهل العلم فاخبروني ان ما على ابني جلد مائة وتغريب عام واخبروني انما الرجم على امراته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اما والذي نفسي بيده لاقضين بينكما بكتاب الله اما غنمك وجاريتك فرد عليك) وجلد ابنه مائة وغربه عاما وامر انيسا الاسلمي ان ياتي امراة الاخر فان اعترفت رجمها فاعترفت فرجمها قال مالك والعسيف الاجير قال ابو عمر قد ذكرنا الاختلاف على مالك والاختلاف على بن شهاب في اسناده حديث هذا الباب وذكرنا من جمع فيه مع ابي هريرة وزيد بن خالد ومن رواه فجعله بهذا الاسناد عن زيد بن خالد خاصة ومن جعله عن ابي هريرة خاصة ومن اختصر وجعله عن زيد واما من جعله عن ابي هريرة فكلهم اتى به بكماله وذكرنا ان بن عيينة ذكر فيه مع ابي هريرة وزيد بن خالد شبلا فاخطا فيه لان شبلا انما ذكره بن شهاب في حديث الامة اذا زنت ولم تحصن وقد اوضحنا ذلك كله عن الرواة في (التمهيد) والحمد لله كثيرا قال ابو عمر لم يذكر في هذا الحديث اقرار الزاني بالزنى وهو قول عقله الراوي اذ عول في تركه على علم العامة فضلا عن الخاصة انه لا يؤخذ احد باقرار ابيه عليه ولا اقرار غيره والذي تشهد له الاصول ان الابن كان حاضرا فصدق اباه فيما قال عليه ونسب إليه ولولا ذلك ما اقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حدا بقول ابيه لقول الله عز وجل (ولا تكسب كل نفس الا عليها) الانعام 164 وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي زمعة في ابنه (انك لا تجني عليه ولا يجني عليك وفي هذا الحديث دروب من العلم منها ان اولى الناس بالقضاء بينهم الخليفة اذا كان عالما بوجوه القضاء ومنها ان المدعي اولى بالقول واحق ان يتقدم بالكلام ومنها ان الباطل من القضاء مردود ابدا وان ما خالف السنة باطل لا ينفذ ولا يمضي ومنها ان ما قبضه الذي يقضي به وكان القضاء خطا مخالفا للسنة المجتمع عليها لا يدخله قبضه له (في ملكه) ولا يصح ذلك له وفيه ان العالم يفتي في مصر فيه من هو اعلم منه الا ترى ان الصحابة كانوا يفتون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وروي عن عكرمة بن خالد عن بن عمر انه سئل عن من كان يفتي في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابو بكر وعمر ولا اعلم غيرهما وقال القاسم بن محمد كان ابو بكر وعمر وعثمان وعلي يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى موسى بن ميسرة عن محمد بن سهل بن ابي حثمة عن ابيه قال كان الذين يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة من المهاجرين عمر وعثمان وعلي وثلاثة من الانصار ابي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وروى الفضيل بن ابي عبد الله عن عبد الله بن دينار الاسلمي عن ابيه قال كان عبد الرحمن بن عوف ممن يفتي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الواقدي قال حدثني ايوب بن النعمان بن عبد الله بن كعب بن مالك عن ابيه عن جده عن كعب بن مالك قال كان معاذ بن جبل يفتي في المدينة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وابي بكر وكان عمر بن الخطاب يقول ان خرج معاذ إلى الشام لقد اخل خروجه بالمدينة واهلها فيما كان يفتيهم ولقد كنت كلمت ابا بكر ان يحبسه لحاجة الناس إليه فأبي علي وقال رجل اراد وجها يعني الشهادة لا احبسه فقلت ان الرجل ليرزق الشهادة وهو على فراشه في عظيم عنائه عن اهل مصره قال الواقدي قال. وحدثني موسى بن علي بن رباح عن ابيه قال خطب عمر بالجابية فقال من اراد ان يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل واما قوله في هذا الكتاب لاقضين بينكما بكتاب الله فلاهل العلم في ذلك قولان احدهما ان الرجم في كتاب الله على مذهب من قال ان من القران ما نسخ خطه وثبت حكمه وقد اجمعوا ان من القران ما نسخ حكمه وثبت خطه وهذا في القياس مثله وقد ذكرنا هذا المعنى في كتاب الصلاة عند قوله (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) [البقرة 238]. وصلاة العصر (وقوموا لله قانتين) [البقرة 238]. ومن ذهب هذا المذهب احتج بقول عمر الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء اذا أحصن وقوله لولا ان يقال ان عمر زاد في كتاب الله لكتبتها الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة فانا قد قراناها وسنذكر ما للعلماء في قول عمر هذا من التأويل في موضعه من هذا الباب ان شاء الله عز وجل ومن حجته ايضا ظاهر هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لا قضين بكتاب الله) ثم قال لانيس (لئن اعترفت امراة هذا فارجمها) فرجمها والقول الاخر ان معنى قوله عليه السلام (لاقضين بينكما بكتاب الله ولاحكمن بينكما بحكم الله ولاقضين بينكما بقضاء الله) وهذا جائز في اللغة قال الله عز وجل (كتاب الله عليكم) [النساء 24]. أي حكمه فيكم وقضاؤه عليكم على ان كل ما قضي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حكم الله عز وجل وقد اوضحنا هذا المعنى في (التمهيد) ومنة قول علي رضي الله عنه في شراحة الهمذانية جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تطلق على السنة التلاوة بظاهر قول الله تعالى (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من ءايات الله والحكمة) الاحزاب 34 قالوا القران والسنة وفيه ان الزاني اذا لم يحصن حده الجلد دون الرجم وهذا ما لا خلاف بين احد من امة محمد صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) [النور 2]. واجمعوا ان الابكار داخلون في هذا الخطاب واجمع الجمهور من فقهاء المسلمين اهل الفقه والاثر من لدن الصحابة إلى يومنا هذا ان المحصن من الزناة حده الرجم واختلفوا هل عليه مع ذلك جلد ام لا فقال اكثرهم لا جلد على المحصن انما عليه الرجم فقط ومن حجتهم في هذا الحديث (فان اعترفت فارجمها) ولم يقل اجلدها ثم ارجمها وممن قال ذلك مالك وابو حنيفة والشافعي واصحابهم والثوري والاوزاعي والليث بن سعد والحسن بن صالح وبن ابي ليلى وبن شبرمة واحمد بن حنبل وابو ثور والطبري كل هؤلاء يقول لا يجتمع جلد ورجم وقال الحسن البصري واسحاق بن راهويه وداود بن علي الزاني المحصن يجلد ثم يرجم وحجتهم عموم الاية في الزناة في قوله تعالى (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلده) [النور 2]. فعم الزناة ولم يخص محصنا من غير محصن وحديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (خذوا عني لقد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم بالحجارة) وحديث علي رضي الله عنه في رجم شراحة الهمذانية بعد جلده لها وروى ابو حصين واسماعيل بن ابي خالد وعلقمة بن مرثد عن الشعبي بمعنى واحد قال اتي علي بزانية فجلدها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة ثم قال الرجم رجمان رجم سر ورجم علانية فاما رجم العلانية فالشهود ثم الامام ثم الناس واما رجم السر فالاعتراف فالامام ثم الناس وحجة الجمهور ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا الاسلمي ورجم اليهوديين ورجم امراة من جهينة وامراة من عامر ولم يجلد واحدا منهم وقد ذكرنا الاثار بذلك في (التمهيد) فدل ذلك على ان الاية قصد بها من لم يحصن من الزناة ورجم ابو بكر وعمر رضي الله عنهما ولم يجلدا ومن اوضح شيء في هذا المعنى واصحه حديث بن شهاب في هذا الباب وفيه انه جلد البكر وغربه عاما ورجم المراة ولو جلد لنقل ذلك كما نقل انه رجمها وكانت ثيبا وهذا كله يدل على ان حديث عبادة منسوخ لانه كان في حين نزول الاية في الزناة وذلك ان الزناة كانت عقوبتهم اذا شهد عليهم اربعة من العدول ان يمسكوا في البيوت إلى الموت او يجعل الله لهن سبيلا فلما نزلت اية الجلد التي في سورة النور قام صلى الله عليه وسلم فقال (خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا) الحديث كما ذكرناه من حديث عبادة فكان هذا في اول الامر ثم رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة ولم يجلد مع الرجم فعلمنا ان هذا حكم احدثه الله تعالى نسخ به ما قبله ومثل هذا كثير في احكامه عز وجل واحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبتلي عبادة وانما يؤخذ بالاحدث فالاحدث من امره صلى الله عليه وسلم ذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري انه كان ينكر الجلد مع الرجم ويقول رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجلد وعن الثوري عن مغيرة عن ابراهيم قال ليس على المرجوم جلد بلغنا ان عمر رجم ولم يجلد قال ابو عمر قد ذكرنا عن عمر رضي الله عنه انه رجم ولم يجلد اثارا كثيرة في ( التمهيد) وفي هذه المسالة قول ثالث وهو ان الثيب من الزناة ان كان شابا رجم وان كان شيخا جلد ورجم وقاله مسروق وقالت به فرقة من اهل الحديث وهو قول ضعيف لا اصل له وقد ذكرنا الاسانيد بذلك عن مسروق في (التمهيد) فهذا ما للجماعة اهل السنة من الاقاويل في هذا الباب واما اهل البدع والخوارج منهم ومن جرى مجراهم من المعتزلة فانهم لا يرون الرجم على زان محصن ولا غير محصن ولا يرون على الزناة الا الجلد وليس عند احد من اهل العلم ممن يعرج على قولهم ولا يعدون خلافا وروى حماد بن زيد وحماد بن سلمة وهشيم والمبارك بن فضالة واشعث كلهم عن علي بن زيد وحماد بن سلمة عن يوسف بن مهران عن بن عباس قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول ايها الناس ! ان الرجم حق فلا تخدعن عنه فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم وكذلك ابو بكر ورجمنا بعدهما وسيكون قوم من هذه الامة يكذبون بالرجم وبالدجال وبطلوع الشمس من مغربها وبعذاب القبر وبالشفاعة وبقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا قال ابو عمر الخوارج والمعتزلة يكذبون بهذا كله عصمنا الله من الضلال برحمته واما قوله وجلد ابنه مائة وغربه عاما فلا خلاف بين علماء المسلمين ان ابنه كان بكر وان الجلد حد البكر مائة جلدة واختلفوا في التغريب فقال مالك ينفى الرجل ولا تنفى المراة ولا العبد ومن نفي حبس في الموضع الذي نفي إليه وقال الاوزاعي لا تنفى المراة وينفى الرجل وقال ابو حنيفة واصحابه لا نفي على زان وانما عليه الحد رجلا كان او امراة حرا كان او عبدا. وقال مالك والشافعي واصحابه والحسن بن حي ينفى الزاني اذا جلد الحد رجلا كان او امراة حرا كان او عبدا واختلف قول الشافعي في نفي العبيد فقال مرة استخير الله في نفي العبيد وقال مرة ينفى العبد نصف سنة وقال مرة اخرى سنة إلى غير بلده وبه قال الطبري قال ابو عمر من حجة من غرب الزناة مع حديثنا هذا وقوله فيه وجلد ابنه مائة وغربه عاما حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام) لم يخص عبدا من حر حدثني عبد الوارث بن سفيان قال حدثني قاسم بن اصبغ قال حدثني احمد بن زهير وبكر بن حماد قال احمد حدثني ابي وقال بكر حدثني مسدد قال حدثني يحيى القطان عن بن ابي عروبة عن قتادة عن الحسن بن حطان بن عبد الله الرقاشي عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب جلد مائة ورجم بالحجارة والبكر جلد مائة ثم نفي سنة وحديث بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم ضرب وغرب وان ابا بكر ضرب وغرب وان عمر ضرب وغرب وقد ذكرت اسناده في (التمهيد) وحجة من لم ير النفي على العبيد حديث ابي هريرة في الامة عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فيه الحد دون النفي ومن راى نفي العبيد زعم ان حديث الامة معناه التاديب لا الحد وحجة من لم ير نفي النساء ما يخشى عليهن من الفتنة وروي عن علي رضي الله عنه انه لم ير نفي النساء ومن حجة من لم ير النفي على الزاني ذكرا ولا انثى حرا ولا عبدا ان الله عز وجل ذكر الجلد ولم يذكر نفيا وروي ذلك عن عمر رضي الله عنه وغيره ذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن بن المسيب قال غرب عمر بن الخطاب ربيعة بن امية بن خلف في الخمر إلى خيبر فلحق بهن قال وقال عمر لا اغرب مسلما بعدها ابدا قال ولو كان النفي حدا ما تركه عمر قال ابو عمر يحتمل ان يكون عمر قال ذلك في حد الخمر لانه ماخوذ اجتهادا وقد صح عنه انه نفى في الزنى من طرق شتى وروى عبد الرزاق عن ابي حنيفة عن حماد عن ابراهيم قد قال عبد الله بن مسعود في البكر يزني بالبكر يجلدان مائة وينفيان سنة قال فقال علي حسبهما من الفتنة ان ينفيا قال ابو عمر قد ثبت عن ابي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم انهم غربوا ونفوا في الزنى باسانيد احسن من التي ذكرها الكوفيون منها ما رواه عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم ضرب وغرب وان ابا بكر ضرب وغرب وان عمر ضرب وغرب الا انه قد اختلف في اسناد هذا الحديث فاضطرب في رفعه واتصاله وروى ايوب وعبيد الله عن نافع عن بن عمر ان عمر نفى إلى فدك وعن الثوري عن ابي إسحاق ان عليا نفى من الكوفة إلى البصرة وقال معمر بن جريج سئل بن شهاب إلى كم ينفى الزاني فقال عمر نفاه من المدينة إلى البصرة ومن المدينة إلى خيبر وقال بن جريج قلت لعطاء نفي من مكة إلى الطائف قال حسبه ذلك وفي الحديث ايضا قوله ان ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامراته وهذا قذف منه للمراة الا انها لما اعترفت بالزنى سقط حكم قذفها وقد اختلف قول العلماء في من أقر بالزنى بامرأة بعينها وجحدت قال مالك يقام عليه حد الزنى وان طلبت حد القذف اقيم عليه ايضا قال وكذلك لو قالت زنى بي فلان وجحد حدت للقذف ثم للزنى وبهذا قال الطبري وقال ابو حنيفة لا حد عليه للزنى وعليه حد القذف ولها مثل ذلك ان قالت مثل ذلك لانه لا يجتمع عنده الحدان وقال ابو يوسف ومحمد والشافعي لا يحد من اقر منهما للزنى فقط لانا قد احطنا علما انه لا يجب عليه الحدان جميعا لانه ان كان زانيا فلا حد على قاذفه فاذا اقيم عليه حد الزنى لم يقم عليه حد القذف وقال الاوزاعي يحد للقذف ولا يحد للزنى وقال بن ابي ليلى اذا اقر هو بالزنى وجحدت هي جلد وان كان محصنا لم يرجم وفي هذا الحديث ايضا ان للامام ان يسال المقذوف فان اعترف اقام عليه الواجب وان لم يعترف وطلب القاذف اخذ له بحده وهذا موضع اختلف فيه الفقهاء فقال فيه مالك لا يحد الامام القاذف حتى يطالبه المقذوف الا ان يكون الامام سمعه فيحده ان كان معه شهود غيره عدول قال ولو ان الامام شهد عنده شهود عدول على قاذف لم يقم الحد حتى يرسل إلى المقذوف وينظر ما يقول لعله يريد سترا على نفسه وقال ابو حنيفة واصحابه والاوزاعي والشافعي لا يحد القاذف الا بمطالبة المقذوف واما قوله (واغد يا انيس على امراة هذا فان اعترفت فارجمها) فانه اقامه مقام نفسه في ذلك وسبيله في ما امره به سبيل الوكيل ينفذ لما امره به موكله وفي هذا الحديث معان قد ذكرتها في (التمهيد) وذكرت وجه كل معنى منها وموضع استنباطه من الحديث لم ار لذكرها ها هنا وجها لان كتابي ها هنا لم يكن الغرض فيه والمقصد الا ايراد ما اختلف فيه العلماء من المعاني التي رسمها الموطا واما قول مالك العسيف الاجير فهو كما قال عند اهل العلم باللغة في معنى هذا الحديث وقد يكون العسيف العبد ويكون السائل قال المرار الجلي يصف كلبا: الف الناس فما ينبحهم *** من عسيف يبتغي الخير وحر يعني من عبد وحر وقال ابو عمرو الشيباني في حديث النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن قتل العسفاء والوصفاء في سرية بعثها قال العسفاء الاجراء هو كما قال مالك رحمه الله وقال ابو عبيد وقد يكون العسيف الاسيف وهو الحزين. 1528- مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس انه قال سمعت عمر بن الخطاب يقول الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء اذا احصن اذا قامت البينة او كان الحبل او الاعتراف قد مضى في هذا الباب من اثبات الرجم على من احصن من الزناة الاحرار ما اغنى عن اعادته هنا واختلف الفقهاء في حد الاحصان الموجب للرجم فجملة مذهب مالك في ذلك ان يكون الزاني حرا مسلما بالغا عاقلا قد وطىء قبل ان يزني وطئا مباحا في عقد نكاح صحيح ثم زنى بعد ذلك فاذا كان هذا وجب الرجم ولا يثبت لكافر ولا لعبد عنده احصان كما لا يثبت عند الجميع لصبي ولا مجنون احصان وكذلك الوطء المحظور كالوطء في الحج وفي الصيام وفي الاعتكاف وفي الحيض لا يثبت به عنده احصان والامة والكافرة والصغيرة لا تحصن الحر المسلم عند مالك لانه لا يجتمع فيهن شروط الاحصان وهذا كله مذهب مالك واصحابه واما ابو حنيفة واصحابه فحد الاحصان عندهم على ضربين احدهما احصان يوجب الرجم يتعلق بست شروط الحرية والبلوغ والعقل والاسلام والنكاح الصحيح والدخول ولا يراعون وطئا محظورا مع ذلك ولا مباحا والاخر احصان يتعلق به حد القذف له خمس خصال عندهم الحرية والبلوغ والعقل والاسلام والعفة وروى ابو يوسف عن بن ابي ليلى قال اذا زنى اليهودي او النصراني بعد ما احصنا فعليهما الرجم قال ابو يوسف وبه ناخذ فالاحصان عند هؤلاء له اربعة شروط الحرية والبلوغ والعقل والوطء في النكاح الصحيح ونحو هذا قول الشافعي واحمد بن حنبل قال الشافعي اذا دخل الرجل بامراته وهما حران ووطئها فهذا احصان مسلمين كانا في حين الزنى بالغين واختلف اصحابه على اربعة اوجه فقال بعضهم اذا تزوج العبد او الصبي ووطىء فذلك احصان اذا زنى بعد البلوغ والحرية وقال بعضهم لا يكون واحد منهم محصنا كما قال مالك وقال بعضهم اذا تزوج الصبي الحر احصن فاذا بلغ وزنى رجم والعبد لا يحصن حتى يعتق بالغا ويزني بعد وقال بعضهم اذا تزوج الصبي لم يحصن واذا تزوج العبد احصن وقالوا جميعا الوطء الفاسد لا يقع به احصان وقد تقدم في كتاب النكاح من اقوال العلماء في الاحصان اكثر من هذا وتقصينا ذلك في (التمهيد) واما قوله في هذا الحديث عن عمر رضي الله عنه (او قامت عليه البينة او كان الحبل او الاعتراف) فاجمع العلماء ان البينة في الزنى اربعة شهداء رجال عدول يشهدون بالصريح من الزنى لا بالكناية وبالرؤى ة كذلك والمعاينة ولا يجوز عند الجميع في ذلك شهادة النساء فاذا شهد بذلك من وصفنا على من احصن كما ذكرنا وجب الرجم على ما قال عمر رضي الله عنه واما الاعتراف فهو الاقرار من البالغ العاقل بالزنى صراحا لا كناية فاذا ثبت على اقراره ولم ينزع عنه وكان محصنا وجب عليه الرجم وان كان بكرا جلد مائة وهذا كله لا خلاف فيه بين العلماء واما الحمل الظاهر للمراة ولا زوج لها يعلم فقد اختلف العلماء في ذلك فقالت طائفة الحبل والاعتراف والبينة سواء في ما يوجب الحد في الزنى على حديث عمر هذا في قوله اذا قامت عليه البينة او كان الحبل او الاعتراف فسواء في ذلك في ما يوجب الرجم على من احصن فوجبت التسوية بذلك وممن قال ذلك مالك بن انس في ما ذكر عنه بن عبد الحكم وغيره وذكره في (موطئه) قال اذا وجدت المراة حاملا فقالت تزوجت او استكرهت لم يقبل ذلك منها الا بالبينة على ما ذكرت الا ان تكون جاءت تستغيث وهي تدمى او نحو ذلك من فضيحة نفسها فان لم يكن ذلك اقيم عليها الحد وقال بن القاسم اذا كانت طارئة غريبة فلا حد عليها وهو قول عثمان البتي وقال ابو حنيفة والشافعي واصحابهما لا حد عليها الا ان تقر بالزنى او يقوم عليها بذلك بينة ولم يفرقوا بين طارئة وغير طارئة لان الحمل دون اقرار ولا بينة ممكن ان تكون المراة في ما ادعته من النكاح او الاستكراه صادقة والحدود لا تقام الا باليقين بل تدرا بالشبهات فان احتج محتج بحديث عمر المذكور وتسويته فيه بين البينة والاقرار والحبل قيل له قد روي عنه خلاف ذلك من رواية الثقات ايضا وروى شعبة بن الحجاج عن عبد الملك بن ميسرة عن نزال بن صبرة قال اني لمع عمر رضي الله عنه بمنى اذا بامراة ضخمة حبلى قد كاد الناس ان يقتلوها من الزحام وهي تبكي فقال لها عمر ما يبكيك ان المراة ربما استكرهت فقالت اني امراة ثقيلة الراس وكان الله عز وجل يرزقني من الليل ما شاء الله أن يرزقني فصليت ونمت فوالله ما استيقظت الا ورجل قد ركبني ومضى ولا ادري أي خلق الله هو فقال عمر لو قتلت هذه خفت على من بين الاخشبين النار ثم كتب إلى الامراء الا لا تعجلوا احدا الا باذنه. 1529- مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن ابي واقد الليثي ان عمر بن الخطاب اتاه رجل وهو بالشام فذكر له انه وجد مع امراته رجلا فبعث عمر بن الخطاب ابا واقد الليثي إلى امراته يسالها عن ذلك فاتاها وعندها نسوة حولها فذكر لها الذي قال زوجها لعمر بن الخطاب واخبرها انها لا تؤخذ بقوله وجعل يلقنها اشباه ذلك لتنزع فابت ان تنزع وتمت على الاعتراف فامر بها عمر فرجمت قال ابو عمر قد تقدم القول في معنى هذا الحديث كله في هذا الباب فلا معنى لاعادته وقد روى هذا الحديث نافع مولى بن عمر عن سليمان بن يسار ان رجلا جاء إلى عمر وهو بالجابية فقال يا امير المؤمنين انه وجد عبده على امراته فقال له عمر انظر ماذا تقول فانك ماخوذ بما تقول قال نعم فقال عمر لابي واقد وذكر معنى حديث مالك ذكره سنيد عن حجاج عن صخر بن جويرية عن نافع وراه معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابي واقد الليثي قال اني لمع عمر بالجابية إذ جاءه رجل فقال عبدي زنى بامراتي وهي هذه تعترف قال ابو واقد فارسلني عمر اليها في نفر من قومه وذكر تمام الخبر. 1530- مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب انه سمعه يقول لما صدر عمر بن الخطاب من منى اناخ بالابطح ثم كوم كومة بطحاء ثم طرح عليها رداءه واستلقى ثم مد يديه إلى السماء فقال اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني اليك غير مضيع ولا مفرط ثم قدم المدينة فخطب الناس فقال ايها الناس قد سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة الا ان تضلوا بالناس يمينا وشمالا وضرب باحدى يديه على الاخرى ثم قال اياكم ان تهلكوا عن اية الرجم ان يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا والذي نفسي بيده لولا ان يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فانا قد قراناها قال مالك قال يحيى بن سعيد قال سعيد بن المسيب فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر رحمه الله قال يحيى سمعت مالكا يقول قوله الشيخ والشيخة يعني الثيب والثيبة (فارجموهما البتة) قال ابو عمر هذا حديث صحيح الاسناد يستند منه قوله (رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم) وقد سمعه سعيد بن المسيب من عمر في قول جماعة من اهل العلم وشهد معه هذه الحجة وسمعه يقول عند رؤيته البيت وعند طوافه كلاما حفظه عنه قد ذكرته في (التمهيد) وكان علي بن المديني يصحح سماع سعيد بن المسيب من عمر بن الخطاب وكان بن معين ينكره ويقول كان غلاما في زمان عمر بن الخطاب لانه ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر قال ابو عمر كان سعيد بن المسيب حافظا ذكيا عالما وكانت سنة في حجة عمر هذه ثمانية اعوام ونحوها ومن دون هذا السن يحفظ اكثر من هذا روى شعبة عن اياس بن معاوية قال قال لي سعيد بن المسيب ممن انت قلت من مزينة قال اني لاذكر اليوم الذي نعى فيه عمر بن الخطاب النعمان بن مقرن المزني إلى الناس على المنبر رواه جماعة من حفاظ اصحاب شعبة عن شعبة وروى الاصمعي قال حدثني طلحة بن محمد بن سعيد بن المسيب عن سعيد بن المسيب قال كنت في الغلمة الذين جروا جعدة العقيلي إلى عمر وقال الحسن الحلواني حدثني اسباط عن الشيباني عن بكير بن الاشج عن سعيد بن المسيب قال سمعت عمر على المنبر يقول لا اجد احدا جامع ولم يغتسل انزل او لم ينزل الا عاقبته قال ابو عمر هذه الاثار اصح من حديث بن لهيعة عن بكير بن الاشج قال قيل لسعيد بن المسيب ادركت عمر بن الخطاب وكان يحيى بن معين ينكر سماعه من عمر وروايته له وليس الانكار بعلم حدثني عبد الوارث بن سفيان قال حدثني قاسم بن اصبغ قال حدثني بن وضاح قال حدثني عبد الصمد قال حدثني شعبة عن قتادة قال قلت لسعيد بن المسيب رايت عمر بن الخطاب قال نعم قال بن وضاح ولد سعيد بن المسيب لسنتين مضتا من خلافة عمر وسمع منه كلامه الذي قال حين نظر إلى الكعبة اللهم انت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام كذلك قال بن كاسب وغير واحد ممن لاقيت قال ابو عمر ليس في قول عمر رضي الله عنه فاقبضني اليك غير مضيع ولا مفرط خلافا لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (لا يتمنين احدكم الموت لضر نزل به) لان هذا دعاء كان من عمر شفقة على دينه وخوفا من ان تدركه فتنة تصده عن القيام بامور الناس في دنياهم ودينهم مما ادخل فيه نفسه وانما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت عند نزول المصائب وحلول البلاء تسخطا للقضاء وقلة رضى وعدم صبر على الايذاء واما اذا كان ذلك شحا من المرء على دينه وخوفا من ان يفتن لما يرى من عموم الفتن فليس ذلك من معنى ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم الا ترى إلى قول معاذ بن جبل لما راى ما راى وعلم ما علم من اقبال الفتن قال في طاعون عمواس يا طاعون خذني اليك تمنيا للموت فمات في ذلك الطاعون وما زال الانبياء والصالحون يخافون الفتنة في الدين على انفسهم ويتمنون من اجل ذلك الموت على خير ما هم عليه قال ابراهيم الخليل عليه السلام (واجنبني وبني ان نعبد الاصنام) ابراهيم 35 وقال يوسف عليه السلام (توفني مسلما والحقني بالصالحين) [يوسف 101]. قال ابو عمر قد تقدم في هذا الباب من القول في الرجم وثبوته عند اهل العلم في السنة وفي الكتاب المحكم المعمول به عند جماعة منهم بشهادة الاثار الصحاح بذلك ما فيه - والحمد لله - كفاية حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثني قاسم بن اصبغ قال حدثني بكر بن حماد قال حدثني مسدد. وحدثني احمد بن قاسم قال حدثني قاسم بن اصبغ قال حدثني الحارث بن ابي اسامة قال حدثني إسحاق بن عيسى قالا جميعا حدثني حماد بن زيد - واللفظ لحديث مسدد - وهو اتم عن حديث بن زيد عن يوسف بن مهران عن بن عباس قال سمعت عمر بن الخطاب يخطب ايها الناس ! ان الرجم حق فلا تخدعن عنه وان اية ذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم وان ابا بكر قد رجم وانا قد رجمنا بعدهما وسيكون قوم من هذه الامة يكذبون بالرجم ويكذبون بالدجال ويكذبون بطلوع الشمس من مغربها ويكذبون بعذاب القبر ويكذبون بالشفاعة ويكذبون بقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا قال ابو عمر الخوارج كلها وكثير من المعتزلة يكذبون بهذا كله - والله اساله التوفيق لما يرضاه من عصمته ورحمته حدثني سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثني قاسم بن اصبغ قال حدثني قاسم بن إسماعيل قال حدثني الحميدي قال حدثني سفيان بن عيينة قال اخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول ان الله عز وجل بعث محمدا عليه السلام بالحق وانزل عليه الكتاب وكان في ما انزل عليه اية الرجم فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده قال سفيان قد سمعته من الزهري بطوله وحفظ بعضه وسقط عليه منه ما سمعه من معمر عنه قال ابو عمر يعني حديث السقيفة سمعه من الزهري بطوله وحفظ بعضه وسقط عليه منه ما سمعه عن معمر عنه. 1531- مالك انه بلغه ان عثمان بن عفان اتي بامراة قد ولدت في ستة اشهر فامر بها ان ترجم فقال له علي بن ابي طالب ليس ذلك عليها ان الله تبارك وتعالى يقول في كتابه (وحمله وفصله ثلاثون شهرا) الاحقاف 15 وقال (والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اردا ان يتم الرضاعة) [البقرة 233]. فالحمل يكون ستة اشهر فلا رجم عليها فبعث عثمان بن عفان في اثرها فوجدها قد رجمت قال ابو عمر رواه بن ابي ذئب وذكره في (موطئه) عن زيد بن عبد الله بن قسيط عن نعجة الجهيني قال تزوج رجل منا امراة فولدت لستة اشهر فاتى عثمان فذكر ذلك له فامر برجمها فاتاه علي فقال ان الله تعالى يقول (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) الاحقاف 15 وقال عز وجل (وفصاله في عامين) [لقمان 14]. قال ابو عمر يختلف اهل المدينة في رواية هذه القصة فمنهم من يرويها لعثمان مع علي كما رواها مالك وبن ابي ذئب ومنهم من يرويها عن عثمان عن بن عباس واما اهل البصرة فيرونها لعمر بن الخطاب مع علي بن ابي طالب فاما رواية اهل المدينة فذكرها معمر عن الزهري عن ابي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف قال رفعت إلى عثمان امراة ولدت لستة اشهر فقال انها رفعت الي امراة لا اراها الا جاءت بشر ولدت لستة اشهر فقال له بن عباس اذا اتمت الرضاع كان الحمل ستة اشهر قال وتلا بن عباس (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) الاحقاف 15 فاذا اتمت الرضاع كان الحمل ستة اشهر وهذا الاسناد لا مدفع فيه من رواية اهل المدينة وقد خالفهم في ذلك ثقات اهل مكة فجعلوا القصة لابن عباس مع عمر وروى بن جريج قال اخبرني عثمان بن ابي سليمان ان نافع بن جبير اخبره ان بن عباس اخبره قال اني لصاحب المراة التي اتي بها عمر وضعت لستة اشهر فانكر الناس ذلك قال قلت لعمر لم تظلم قال كيف قال قلت اترى (وحملة وفصاله ثلاثون شهرا) الاحقاف 15 وقال (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة) [البقرة 233]. قال كم الحول قال سنة قلت وكم السنة قال اثنا عشر شهرا قال فاربعة وعشرون شهرا حولان كاملان ويؤخر الله عز وجل من الحمل ما شاء ويقدم ما يشاء قال فاستراح عمر إلى قولي وروي من حديث الكوفيين نحو ما رواه المدنيون في عثمان ذكر عبد الرزاق عن الثوري عن الاعمش عن ابي الضحى عن قائد لابن عباس كنت معه فاتي عثمان بامراة وضعت لستة اشهر فامر برجمها فقال له بن عباس ان خاصمتكم بكتاب الله خصمتكم قال الله عز وجل (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) الاحقاف 15 والحمل ستة اشهر والرضاع سنتان قال فدرا عنها الحد قال ابو عمر هذا خلاف ما ذكره مالك ان عثمان بعث في اثرها فوجدها قد رجمت وقد صحح عكرمة القصتين لعمر وعثمان ايضا ذكره عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم عن عكرمة وذكره غير واحد عن الزهري باسناده عن عكرمة ان عمر اتي بمثل التي اتي بها عثمان فقال فيها على نحو مما قال بن عباس واما رواية اهل البصرة فذكر عبد الرزاق عن عثمان بن مطر عن سعيد بن ابي عروبة عن قتادة عن ابي حرب بن ابي الاسود الديلي عن ابيه قال رفع إلى عمر امراة ولدت لستة اشهر فاراد عمر ان يرجمها فجاءت اختها إلى علي بن ابي طالب فقالت ان عمر يريد ان يرجم اختي فانشدك الله ان كنت تعلم لها عذرا لما اخبرتني به فقال لها علي فان لها عذرا فكبرت تكبيرة فسمعها ومن عنده فانطلقت إلى عمر وقالت ان عليا زعم ان لاختي عذرا فارسل عمر إلى علي ما عذرها فقال ان الله عز وجل يقول (والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين) [البقرة 233]. وقال عز وجل (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) الاحقاف 15 فحمله ستة اشهر والفصال اربعة وعشرون شهرا قال فخلى عمر سبيلها قال ثم انها ولدت بعد ذلك لستة اشهر وروى معمر عن قتادة قال رفع إلى عمر امراة ولدت لستة اشهر بمعنى ما تقدم لم يجاوز به قتادة يوما إلى اخره ومن وصله حجة عليه قال ابو عمر لا اعلم خلافا بين اهل العلم في ما قاله علي وبن عباس في هذا الباب في اقل الحمل وهو اصل واجماع وفي الخبر بذلك فضيلة كبيرة وشهادة عادلة لعلي وبن عباس في موضعهما من الفقه في دين الله عز وجل والمعرفة بكتاب الله عز وجل مالك انه سال بن شهاب عن الذي يعمل عمل قوم لوط فقال بن شهاب عليه الرجم احصن او لم يحصن قال ابو عمر قد اختلف عن بن شهاب في هذه المسالة لاختلاف قوله فيها والرواة لها عنه كلهم ثقات روى بن ابي ذئب ومعمر عنه في اللوطي انه كالزاني يجلد ان كان بكرا ويرجم ان كان ثيبا محصنا ذكر ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثني معن بن ابي عيسى عن بن ابي ذئب عن الزهري قال يرجم اللوطي اذا كان محصنا واذا كان بكرا جلد مائة ويغلظ عليه في الحبس والنفي قال ابو عمر هذا قول عطاء ومجاهد وقتادة وابراهيم النخعي وسعيد بن المسيب والحسن بن ابي الحسن لم يختلف عن واحد من هؤلاء ان اللوطي حده حد الزاني الا ابراهيم النخعي فروي عنه ثلاث روايات احدها هذه والثانية انه يرجم على كل حال قال ولو كان احد يرجم مرتين رجم هذا والثالثة انه يضرب دون الحد وهو قول الحكم بن عتيبة ولا اعلم احدا قاله قبل الحكم بن عتيبة الا الرواية عن ابراهيم واصح الروايات فيه عن ابراهيم انه كالزاني وهو قول الشافعي وابي يوسف ومحمد والحسن بن حي وعثمان البتي وابي ثور واحمد بن حنبل في احدى الروايتين عنه كل هؤلاء حد اللوطي عندهم حد الزاني يرجم ان كان محصنا وان كان بكرا جلد. وقال مالك واصحابه يرجم اللوطي ويقتل بالرجم احصن او لم يحصن وهو قول بن عباس وروي ذلك عن علي بن ابي طالب وعثمان بن عفان وروي عن ابي بكر الصديق انه امر باحراق من فعل ذلك وممن قال بقول مالك في اللوطي يرجم احصن او لم يحصن جابر بن زيد ابو الشعثاء وعامر الشعبي وبه قال الليث بن سعد واسحاق بن راهوية واحمد في رواية قال ابو عمر هذا القول اعلى لانه روي عن الصحابة ولا مخالف له منهم وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الحجة فيما تنازع فيه العلماء ذكر ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثني وكيع عن بن ابي ليلى عن القاسم بن الوليد عن يزيد بن قيس ان عليا رجم لوطيا قال. وحدثني وكيع قال. وحدثني محمد بن قيس عن ابي حصين ان عثمان اشرف على الناس يوم الدار فقال اما علمتم انه لا يحل دم امرئ مسلم الا بأربعة رجل عمل عمل قوم لوط او ارتد بعد الايمان او زنى بعد احصان او قتل نفسا مؤمنة بغير حق قال. وحدثني غسان بن نصر عن سعيد بن يزيد عن ابي نضرة قال سئل بن عباس ما حد اللوطي قال ينظر إلى اعلى بناء في القرية فيرمى منه منكسا ثم يتبع بالحجارة قال. وحدثني محمد بن بكر قال حدثني بن جريج قال اخبرني بن خيثم عن مجاهد وسعيد بن جبير انهما سمعا بن عباس يقول في الرجل يؤخذ على اللوطية انه يرجم قال ابو عمر اما الاثار المسندة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب فأحسنها حديث عكرمة عن بن عباس رواه عن عكرمة داود بن حصين وعمرو بن ابي عمرو مولى المطلب ومثله او نحوه حديث جابر وحديث ابي هريرة قال حدثني سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثني قاسم بن اصبغ قال حدثني إسماعيل بن إسحاق قال حدثني إسحاق بن محمد قال حدثني ابراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من وقع على رجل فاقتلوه) يعني عمل عمل قوم لوط. وحدثاني قال حدثني قاسم قال حدثني بن وضاح قال حدثني ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثني ابراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (اقتلوا الفاعل والمفعول به) يعني في اللوطة وذكره عبد الرزاق قال اخبرنا ابراهيم من محمد قال حدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اقتلوا الفاعل والمفعول به) الذي يعمل عمل قوم لوط واخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني ابو داود قال حدثني النفيلي قال حدثني عبد العزيز بن محمد قال حدثني عن عمرو بن ابي عمرو عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) قال ابو داود ورواه سليمان بن بلال عن عمرو بن ابي عمرو مثله ورواه عباد بن منصور عن عكرمة عن بن عباس واما حديث جابر فحدثناه عبد الوارث قال حدثني قاسم قال حدثني محمد بن وضاح قال حدثني محمد بن ادم قال حدثني المحاربي عن عبد الله بن كثير عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه واما حديث ابي هريرة فرواه عاصم بن عمر عن سهيل بن ابي صالح عن ابيه عن ابي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم قال (الذي يعمل عمل قوم لوط ارجموا الاعلى والاسفل ارجموهما جميعا) قال ابو عمر عاصم بن عمر هذا هو اخو عبيد الله وعبد الله ابني عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وهو ضعيف وهو مجهول وقال ابو حنيفة وداود يعذر اللوطي ولا حد عليه الا الادب والتعزير الا ان التعذير عند ابي حنيفة اشد الضرب وحجتهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى ثلاث كفر بعد ايمان او زنى بعد احصان أو قتل نفس بغير حق) وهذا حديث قيل في وقت ثم نزل بعده اباحة دم الساعي بالفساد في الارض وقاطع السبيل وعامل عمل قوم لوط ومن شق عصى المسلمين وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اذا بويع لخليفتين فاقتلوا الاخر منهما) وجاء النص فيمن عمل عمل قوم لوط ( فاقتلوه) وهذا من نحو قول الله عز وجل (لا اجد في ما اوحى إلى محرما على طاعم يطعمه) الانعام 145 ثم حرم الله عز وجل بعد ذلك اشياء كثيرة في كتابه او على لسان نبيه منها ان اللوطي زان واللواط زنى واقبح من الزنى وبالله التوفيق وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (لعن الله من عمل عمل قوم لوط لعن الله من عمل عمل قوم لوط لعن الله من عمل عمل قوم لوط) ولم يبلغنا انه لعن الزاني بل امر بالستر عليه واولى الناس ان يقول اللواط كالزنى من اجاز وطء الدبر من الزوجات والاماء وهو عندنا غير جائز - والحمد لله - بموضع الاذى كالحيض من النساء وبالله توفيقنا.
|